للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما في دار الإسلام والهجرة، التي أعز الله فيها دينه، وجعل على الكافرين بها الصغار والجزية، ففيها شرعت المخالفة. وإذا ظهر أن (١) الموافقة والمخالفة تختلف لهم (٢) باختلاف الزمان والمكان (٣) ؛ ظهرت حقيقية الأحاديث في هذا.

الوجه الثاني: لو فرضنا أن ذلك لم ينسخ، فالنبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان له أن يوافقهم؛ لأنه يعلم حقهم من باطلهم؛ بما يعلمه الله إياه، ونحن نتبعه، فأما نحن فلا يجوز لنا أن نأخذ شيئا من الدين عنهم: لا من أقوالهم، ولا من أفعالهم، بإجماع المسلمين المعلوم بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو قال رجل: يستحب لنا موافقة أهل الكتاب، الموجودين في زماننا؛ لكان قد خرج عن دين الأمة.

الثالث (٤) أن نقول بموجبه: كان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم إنه أمر بمخالفتهم، وأمرنا نحن أن نتبع هديه وهدي أصحابه السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار.

والكلام إنما هو في أنا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه، فأما ما كان سلف الأمة عليه، فلا ريب فيه؛ سواء فعلوه، أو تركوه؛ فإنا لا نترك ما أمر الله به لأجل أن الكفار تفعله مع أن الله لم يأمرنا بشيء يوافقونا عليه إلا ولا بد فيه من نوع مغايرة يتميز بها دين الله المحكم مما قد نسخ، أو بدل.


(١) أن: ساقطة من المطبوعة.
(٢) تختلف: ساقطة من المطبوعة.
(٣) المكان: ساقطة من المطبوعة.
(٤) أي: الوجه الثالث من وجوه الجواب على الاعتراض المفترض (ص ٤٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>