للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه العبادة عند المقابر نوع من أن يشرك بالله ما لم ينزل به سلطانًا، لأن الله لم ينزل حجة تتضمن استحباب قصد الدعاء عند القبور وفضله على غيره. ومن جعل ذلك من دين الله فقد قال على الله ما لا يعلم (١) .

وما أحسن قوله تعالى: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [الأعراف: ٣٣] لئلا يحتج بالمقاييس والحكايات.

ومثل هذا قوله تعالى في حكايته عن الخليل: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ - وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ - وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ٨٠ - ٨٣] (٢) .

فإن هؤلاء المشركين الشرك الأكبر والأصغر يخوفون المخلصين بشفعائهم (٣) فيقال لهم (٤) نحن لا نخاف هؤلاء الشفعاء الذين لكم، فإنهم خلق من خلق الله، لا يضرون إلا بعد مشيئة الله، فمن مسه بضر فلا كاشف له إلا هو، ومن أصابه برحمة فلا راد لفضله وكيف نخاف هؤلاء المخلوقين الذين جعلتموهم شفعاء وأنتم لا تخافون الله، وقد أحدثتم (٥) في دينه من الشرك ما لم


(١) في (ط) : ما لا يعلمه.
(٢) سورة الأنعام: الآيات ٨٠ - ٨٣.
(٣) في (ط) : بشفعاتهم، ولعله تحريف من الناسخ.
(٤) في (أ) : فقال لهم.
(٥) في المطبوعة: وأنتم قد أحدثتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>