للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكم من عبد دعا دعاء غير مباح، فقضيت حاجته في ذلك الدعاء، وكان سبب هلاكه في الدنيا والآخرة، تارة بأن يسأل ما لا تصلح له مسألته، كما فعل بلعام وثعلبة، وكخلق كثير دعوا بأشياء فحصلت لهم، وكان فيها هلاكهم. وتارة بأن يسأل على الوجه الذي لا يحبه الله كما قال سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] (١) فهو سبحانه لا يحب المعتدين في صفة (٢) الدعاء، ولا في المسؤول، وإن كانت حاجتهم قد تقضى، كأقوام ناجوا الله في دعواتهم بمناجاة فيها جرأة على الله، واعتداء لحدوده، وأعطوا طلبتهم فتنة، ولما يشاء سبحانه، بل أشد من ذلك.

ألست ترى السحر والطلسمات (٣) والعين وغير ذلك، من المؤثرات في العالم بإذن الله، قد يقضى (٤) بها كثير من أغراض النفوس (٥) ومع هذا فقد قال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ - وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠٢ - ١٠٣] (٦) .

فإنهم معترفون بأنه لا ينفع في الآخرة، وأن صاحبه خاسر في الآخرة، وإنما يتشبثون بمنفعته في الدنيا. وقد قال تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: ١٠٢] (٧) .

وكذلك أنواع من الداعين والسائلين قد يدعون دعاء محرما، يحصل معه


(١) سورة الأعراف: الآية ٥٥.
(٢) صفة: ساقطة من (ط) .
(٣) الطلسمات هي: الأشياء المبهمة التي تشبه الألغاز.
(٤) في (أ) : يقتضي. وفي المطبوعة: يقضي الله بها.
(٥) في المطبوعة زاد: الشريرة.
(٦) سورة البقرة: الآيتان ١٠٢، ١٠٣.
(٧) سورة البقرة: من الآية ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>