للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآثار، إذا ضمت إلى ما قدمنا من الآثار، علم كيف كان حال السلف في هذا الباب. وأن ما عليه كثير من الخلف في ذلك (١) من المنكرات عندهم.

ولا يدخل في هذا الباب: ما يروى من أن قوما سمعوا رد السلام من قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبور غيره من الصالحين. وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة (٢) . ونحو ذلك. فهذا كله حق ليس مما نحن فيه، والأمر أجل من ذلك وأعظم.

وكذلك أيضا ما يروى: " أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه الجدب عام الرمادة (٣) فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر، فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس " (٤) فإن هذا ليس من هذا الباب. ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم، وأعرف من هذا وقائع.

وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم، أو لغيره من أمته حاجة فتقضى له، فإن هذا قد وقع كثيرا، وليس هو مما نحن فيه.

وعليك أن تعلم: أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لهؤلاء السائلين، ليس مما يدل على استحباب السؤال، فإنه هو " القائل صلى الله عليه وسلم: «إن أحدهم ليسألني المسألة فأعطيه إياها، فيخرج بها يتأبطها نارا "،


(١) في (ب) : قال: كثرة ما حدث من المنكرات.
(٢) أي: ليالي وقعة الحرة التي حدثت سنة (٦٣هـ) بين أهل المدينة وجيش يزيد بن معاوية بقيادة مسلم بن عقبة، فهزم أهل المدينة واستباحها.
انظر: البداية والنهاية (٨ / ٢١٧ - ٢٢٤) .
(٣) في (ب) : الرباذة. والصحيح: الرمادة، وسمي عام الرمادة؛ لأن الأرض اسودت من الجدب حتى صار لونها كالرماد. وهو عام (١٨ هـ) في عهد عمر بن الخطاب.
انظر: البداية والنهاية (٨ / ٩٠) .
(٤) أورد القصة ابن كثير في البداية والنهاية (٧ / ٩١، ٩٢) ، عن الحافظ أبي بكر البيهقي بإسناده إلى أبي صالح عن مالك. وقال ابن كثير: " وهذا إسناد صحيح " (٧ / ٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>