للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ثبت في الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلى فيه ركعتين» (١) ولم يصل بمكان غيره ولا زاره. وحديث المعراج فيه ما هو في الصحيح، وفيه ما هو في السنن والمسانيد، وفيه ما هو ضعيف، وفيه ما هو من الموضوعات المختلقات، مثل ما يرويه بعضهم فيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له جبريل: هذا قبر أبيك إبراهيم، انزل فصل فيه، وهذا بيت لحم، مولد أخيك عيسى، انزل فصل فيه» .

وأعجب من ذلك، أنه قد روي فيه: " قيل له في المدينة: انزل فصل هنا " (٢) قبل أن يبني مسجده، وإنما كان المكان مقبرة للمشركين، والنبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إنما نزل هناك لما بركت ناقته هناك. فهذا ونحوه من الكذب المختلق باتفاق أهل المعرفة، وبيت لحم كنيسة من كنائس النصارى ليس في إتيانها فضيلة عند المسلمين، سواء كان مولد عيسى أو لم يكن، بل قبر إبراهيم الخليل: لم يكن في الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان من يأتيه للصلاة عنده، ولا الدعاء ولا كانوا يقصدونه للزيارة أصلا.

وقد قدم المسلمون إلى الشام غير مرة مع عمر بن الخطاب واستوطن الشام خلائق من الصحابة وليس فيهم من فعل شيئا من هذا ولم يبن المسلمون عليه مسجدا أصلا لكن لما استولى النصارى على هذه الأمكنة في أواخر المائة الرابعة، لما أخذوا (٣) البيت (٤) المقدس، بسبب استيلاء الرافضة على الشام، لما كانوا ملوك مصر، والرافضة أمة مخذولة، ليس لها عقل


(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حديث رقم (١٦٢) ، (١ / ١٤٥) .
(٢) أي في مكان المسجد النبوي قبل تأسيسه.
(٣) في (أ) : أخذ.
(٤) في (ب) : بيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>