للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيّاسة وأبّدة في أخبار تطول. قال أبو مروان: قصد ابن حفصون حاضرة إلبيرة وحصونها، وناصب الحرب سوّارا، وقد استمدّ سوّار رجالات العرب من كورتي جيّان وريّه وإلبيرة، فوقعت الهزيمة على ابن حفصون، وجرح جراحات مثخنة، وأصيب جماعة من فرسانه، وانقلب منهزما، فغضب عند ذلك على أهل إلبيرة فأغرمهم مغرما فدحهم، واستعمل عليهم حفص بن المرّة، فلم يزل يعمل الحيل على سوّار حتى أوقع به، وأتى بجثته إلى إلبيرة، وحمل رأسه إلى ببشتر، واستشرى داؤه، وأعيا أمره، فاتصل ملكه بالقواعد والأقطار، وغلب أكثر المدن ما بين الموسّطة والغرب، وأحدق ملكه بقرطبة، وحجر عليها الخيل من حصن بلي من حصون قبرة، فجلت الكنبانية «١» ، وامتدّ إلى بنيان المعاقل. ولمّا رأى الأمير محمد «٢» ما أحاط به منه، تأهّب إلى غزوه، ونزل حصن بلي، وناهضه، فأوقع به، وهزمه وألجأه إلى أن سلّم في حصنه. فلمّا خرج منه بمن معه، تطيّرهم ريح الفرار والسيوف تأخذهم، استولى الخليفة «٣» على الحصن. وفي ذلك يقول أحمد بن عبد ربه، شاعر دولتهم «٤» : [الرمل]

وله يوم بليّ وقعة ... لم تدع للكفر رأسا في ثبج

لم يجد إبليس في حومتها ... نفعا من رهبة حيث بلج

دفعتهم حملة السّيل إلى ... كافح الأمواج مخض للّجج «٥»

فتح الله على الدّين به ... وعلى الإسلام يا عامر تتج

وكان هذا الفتح سنة سبع وسبعين ومائتين «٦» . ثم استخلص مدينة إستجّة.

وفاته: قال: ومن هذا العهد أدبر أمر ابن حفصون، وتوقّف ظهوره، بعد تخبّط شديد، ولجاج كبير، وشرّ مبير، وكانت وفاته ببشتر، موضع انتزائه على عهد