للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على سرحان، وأخذهم اعتقاله رهينة استخلص بها من كان من عياله بالعدوة، وجاء بها جلواة عارية أعربت عن لؤمه وخبث أمانته، وانتقل له موفى له بعهده، فحل بحصن شلوبانية منتصف عام سبعة وستين وسبعمائة، حسبما كتب لي بعض الشّيوخ من مسنّي بقية أهله، واحتلّ أخوه طلحة بمدينة المنكب، ولم يلبث أن خرج عنها للسلطان معوضا بالمال، وأعمل الانصراف إلى الحج. وأقام عمر بشلوبانية وما يليها من العمالة، مظهرا للطاعة تمام العام المذكور، وفسد ما بينه وبين السلطان المذكور، وظهر الخلاف وأخيفت الطرق، وتحرك السلطان إلى منازلته لأشهر ثلاثة من خلافه، وحاصره أياما شدّ فيها مخنقه، فلمّا رأى عزمه، خاطب سلطانه الذي نزع عنه أمير المسلمين أبا يوسف، وعرض الحصن عليه، فبادر إليه بالأسطول، فلمّا احتل بمرسى حصنه واتصلت به يده ونشرت عنده بنوده، أفرج عنه السلطان، وانبت طمعه فيه، وصرف وجهه إلى حضرته، وبدا لعمر في أمره، فصرف الأسطول متعلّلا ببعض الأعذار، وأقام على سبيله، واتصل ذلك بالسلطان، فرتب عليه الحصن، وضيق السّبل، وتحرك في صائفة العام إلى منازلته في عدّة عظيمة، وحاصره ورماه بالمجانيق، وتتبع بها مجاثمه، فأعياه الصبر، وأعمل الحيلة بإظهار الإنابة، وعرض على السلطان التخلّي عن الحصن، وطلب منه أن يوجه لقبضه وزيره، وأحظى الرؤساء لديه، وصاحب بنده، فوجههم السلطان في طائفة من حاشيتهم، وقد أكمن لهم عمر بمعرجات الطريق، بين يدي باب القلعة، فلمّا توسطوا الكمناء، وبرز عمر ليسلم عليهم، ثار بهم رجاله الأساودة وغيرهم، وقبضوا عليهم بمرأى من السلطان، وأدخلوهم الحصن، وعاد السلطان إلى قتاله، فتوعد بقتلهم، وجعلهم بأعلى السور، ورمى عليه بحجر، فطرح أحدهم الحين، وعلا صراخهم يسترحمون السلطان، فكفّ عنه، وانصرف مكظوما. ولأيام وقعت المهادنة على تخلّيه عن شلوبانية في جملة شروط صعبة، منها العقد له على بنت السلطان المسماة بشمس، وانتقاله إلى مدينة المنكب، فتمّ ذلك في وسط ثمانية وستين بعده، وتمادت المهادنة شهورا أربعة، ثم ثاب خلافه، وضيقت عليه الحصص المرتّبة، وخرج للسلطان عن منكّب على مال وعهد، وصرف بعد وجهه إلى سلطانه، وتطارح عليه، وهو بجزيرة طريف، بعد أن أخذ أمانه، زعموا، وقد كان أخوه طلحة سبق إليه، فاعتقل يسيرا. ثم حلّ اعتقاله إيثارا للعفّة، ورعيا للمتات. ولمّا توفي السلطان أبو يوسف، اضطره حاله، وآل أمره إلى العود إلى الأندلس، وبها الأشياخ من بني عبد الله بن عبد الحق، مطالبو أبيه بدم عمّهم، سبقوا مقدمه على السلطان بإيعاز منه، وقد نزل بقرية أرملة «١» على وادي