للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاله: كان أميرا جليلا جميلا، بلغ الغاية في حسن الصورة، وفضل الفروسية على صغر سنّه، وكان زناتي الشكل والركض والآلة، عروس الميدان، وحلس الخيل، يؤثر من شجاعته وثبات موقفه على الغرارة، وعدم الحنكة، أنه أنشب في اتباع خنزير ضخم الكراديس، عظيم الناب، عريض الغبطة، طرح نفسه عليه في ضحضاح؛ لفضل شجاعته، فكبا به الطرف، واستقبله ذلك الخنزير الفحل صامدا، فاستقلّ، زعموا، من السّقطة، وقد اخترط سيفا عضبا كان يتقلّده، وسبقه بضربة تحت عينيه، أبانت فكّيه، وأطارت محل سلاحه، وخالطه مع ذلك أعزل، فلم يغن، وتلاحق به فرسانه، وقد يئسوا من خلاصه، فرأوا ما بهتوا له، وبشّر بذلك أبوه، فملأ عينه قرّة، وكان يولع منه بفرع ملك، وصقر بيت، وسيف دولة. أسف بذلك وليّ العهد كبيره، فاعتبط لأيام من تصيّر الأمر إليه.

وفاته: توفي مغتالا في الأول من عام اثنين وسبعمائة.

مولده: عام ستة وثمانين وستمائة.

فرج بن محمد بن يوسف بن محمد بن نصر «١»

الأمير أبو سعيد، ولي عهد السلطان الغالب بالله.

حاله: كان هذا الأمير فاضلا ذكيا، من أهل الأدب والنّبل، قام الأدب في مدته على ساق، ولّاه أبوه الغالب بالله عنده، وأمّله لمكانه لو أنّ الليالي أمهلته.

شعره: وأدبه مما ينسب إليه بالأندلس، وهو عندي ما يبعد قوله: [الطويل]

أيا ربة الحسن التي سلبت منك ... على أي حال كنت لا بدّ لي منك

فإمّا بذلّ وهو أليق بالهوى ... وإمّا بغرّ وهو أليق بالملك

وكان ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الحكيم، رحمه الله، يقول: أخبرني كاتب هذا الأمير، وهو الوزير أبو عبد الله بن القصيرة الإشبيلي بتونس قال: نظم الأمير بيتا وطلبني بإجازته، وأن يكون المنظوم مشوب النسيب بالفخر. والبيت: [الطويل]

أرقت لبرق بالسّبيكة لا الخيف ... وإن كان فيه ما أحاذر من حتف

فقلت مجيزا: [الطويل]

تجور على قلبي لواحظ غادة ... بأنفذ من عزمي وأقطع من سيف