للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدبه وشعره: ذكره الملّاحي وقال: حدّثني قاضي الأحكام بغرناطة، أبو القاسم الحسن بن قاسم، الهلالي صاحبنا، قال: كان الأستاذ أبو عبد الله العقرب جارنا، قد وقع بينه وبين زوجه زهرة بنت صاحب الأحكام، أبي الحسن علي بن محمد تنازع، فرفعته إلى القاضي بغرناطة، أبي عبد الله بن السّماك العاملي، وكنت يومئذ كاتبا له، فرأى القاضي قوّته وقدرته على الكلام وضعفها، وإخفاق نظمها، وشفق لحالها. وكان يرى أن النساء ضعاف، وأن الأغلب من الرجال يكون ظالمهن. وكان كثيرا ما يقول في مجلسه: رويدك، رفقا بالقوارير، وحين رأى ما صدر عن القاضي من الجمل، فقلت له: وأين حلاوة شعرك والقاضي أديب يهتز إليه ويرتاح؟ فطلب مني قرطاسا، وجلس غير بعيد، ثم كتب على البديهة بما نصّه:

[الكامل]

لله حيّ، يا أميم، حواك ... وحمائم فوق الغصون حواك

غنّين حتى خلتهنّ عنينني ... بغنائهنّ فنحت في مغناك

ذكّرنني «١» ما كنت قد أنسيته ... بخطوب هذا الدهر من ذكراك

أشكو الزّمان إلى الزّمان ومن شكى ... صرف الزمان إلى الزمان فشاكي

يا ابن السّماك «٢» المستظلّ برمحه ... والعزل «٣» ترهب ذا السلاح الشاكي

راع الجوار فبيننا في جوّنا ... حقّ السّرى والسير في الأفلاك

وابسط إلى الخلق المؤوب ببسطة ... ظرف الكرام بعفّة النّساك

وأنا ذاكر إن لم يفت من لم يمت ... فدارك ثم دارك ثم ذاك «٤»

ثم دفعها إلى القاضي، فكتب القاضي بخطه في ظهر الرقعة: لبّيك، لبّيك. ثم أرسلني أصلح بين العقرب وزوجه، فإن وصل صلحهما إلى خمسين دينارا، فأنا أؤدّيها عنه من مالي، فجمعت بينهما، وأصلحت بينهما عن تراض منهما، رحمهما الله تعالى.

[محمد بن علي بن عبد الله بن علي القيسي العرادي]

من أهل غرناطة.