للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما بيننا من خلوة معنوية ... أرقّ من النجوى وأحلى من السّلوى

قفي أتشكّى لوعة البين ساعة ... ولا يك هذا آخر العهد بالنّجوى

قفي ساعة في عرصة الدار وانظري ... إلى عاشق لا يستفيق من البلوى

وكم قد سألت الريح شوقا إليكم ... فما حنّ مسراها إليّ «١» ولا ألوى

فيا ريح، حتى أنت ممّن يغار بي ... ويا نجد، حتى أنت تهوى الذي أهوى

خلقت ولي قلب جليد على النّوى ... ولكن على فقد الأحبّة لا يقوى

وحدّث «٢» بعض من عني بأخباره، أيّام مقامه بمالقة واستقراره، أنه لقي ليلة «٣» بباب الملعب من «٤» أبوابها ظبية من ظبيات الإنس، وفتنة من فتن «٥» هذا الجنس، فخطب وصالها، واتّقى بفؤاده نصالها، حتى همّت بالانقياد، وانعطفت انعطاف الغصن الميّاد، فأبقى على نفسه وأمسك، وأنف من خلع العذار بعد ما تنسّك، وقال «٦» :

[الكامل]

لم أنس وقفتنا بباب الملعب ... بين الرّجا واليأس من متجنّب

وعدت فكنت مراقبا لحديثها ... يا ذلّ وقفة خائف مترقّب

وتدلّلت «٧» فذللت بعد تعزّز ... يأتي الغرام بكلّ أمر معجب

بدويّة أبدى الجمال بوجهها ... ما شئت من خدّ شريق «٨» مذهب

تدنو وتبعد نفرة وتجنّيا «٩» ... فتكاد تحسبها مهاة الرّبرب «١٠»

ورنت بلحظ فاتر لك فاتن «١١» ... أنضى وأمضى من حسام المضرب

وأرتك بابل سحرها بجفونها ... فسبت، وحقّ لمثلها أن تستبي «١٢»

وتضاحكت فحكت بنيّر ثغرها ... لمعان «١٣» نور ضياء برق خلّب «١٤»

بمنظّم في عقد سمطي جوهر ... عن شبه نور الأقحوان الأشنب