للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولايته: ولّي القضاء بمواضع من الأندلس كثيرة من البشارات «١» ، أقام بها أعواما خمسة؛ ثم لوشة، وأقام بها ثلاثة أعوام؛ ثم بسطة وبرشانة. ثم انتقل إلى مالقة وأقام بها أعواما خمسة. نبّهت على مقدار الإقامة لما في ضمن طول سني الولاية من استقامة أمر الوالي. وكان له من أمير المسلمين بالأندلس حظوة لطيفة لم تكن لغيره، استنزلها بسحر التلطّف، وخطبها بلسان التّملّق حتى استحكمت له أسبابها.

حدّثني بعض أشياخي ممّن كان يباشر مال السلطان يومئذ، قال: وجّه ابن مسعدة ابنه من مالقة، بكتاب في بعض الأغراض الضرورية، ثم رغب فيه أن ينعم على ولده بالمشافهة لإلقاء أمر ينوب عنه فيه، فلما حضر تناول رجل السلطان فقبّلها، وقال: أمرني أبي أن أنوب في تعفير الوجه، في هذه الرّجل الكريمة الجهاديّة عنه خاصّة؛ لبعد عهده بها، إلى أمثال هذا مما اقتضت الانتفاع بعاجل من الدّنيا زهيد، لا يدري ما الله صانع فيه، والإبقاء بما تجاوز الإفراط في تقدّمه بمالقة، بعده دار الأعلام، وديوان العقد، وهو حدث خليّ من العلم، قريب العهد بالبلوغ، فكانت على أنها غاية الصّدور ملعبا، إلى أن ضرب الدهر ضرباته، وانتقلت الحال.

مشيخته: أولهم قاضي الجماعة أبو الحسن بن أبي عامر بن ربيع، وثانيهم القاضي أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع، وثالثهم أبو يحيى بن عبد المنعم الخزرجي، ورابعهم العدل الرّاوية أبو الوليد العطّار، وخامسهم أبو إسحاق بن إبراهيم بن أحمد الخشني، وسادسهم الأستاذ أبو الحسن الكناني الإشبيلي، وسابعهم محمد بن إبراهيم بن مفرّج الأوسي الدبّاغ، وثامنهم أبو جعفر أحمد بن علي الرّعيني، وتاسعهم أبو علي بن أبي الأحوص.

وصمته: فروى الناس أنه وجد بخزانته بعد وفاته زمام يشتمل على مثالب أهل غرناطة، مما يحدث على الأيام في أفرادهم من فلتات يجريها عدم الاتّصاف بالعصمة. استقرّ عند ولده الفضل، زعموا، ثم خفي أثره، ستر الله عيوبنا برحمته.

وفاته: توفي بمالقة قرب صلاة المغرب، يوم الأحد الموفّي عشرين لذي الحجة عام تسعة وتسعين وستمائة، ودفن بخارج باب قبالة في مالقة المذكورة بمقربة من رابعة بني عمّار، وبالروضة المنسوبة لبني يحيى، نقلت من خط ولده الفضل.