للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكرّما. وكان، رحمه الله، شاعرا، مطبوعا، ذا معرفة جيدة بالعدد والمساحة، ثم نزع عن الكتابة، واشتغل بالعمل، فراش فيه، وولّي إشراف بنيات غرناطة. ثم ولّي إشراف غرناطة، فكفّ يده، وظهرت نصيحته. ثم نقل إلى حضرة مرّاكش، فولي إشرافها مدة، ثم صرف عنها إلى غرناطة، وقدّم على النظر في المستخلص إلى أن توفي.

مناقبه: أشهد لما قربت وفاته، أنه كان قد أخرج في صحّته وجوازه، أربعة آلاف دنير من صميم ماله لتتميم القنطرة التي بنيت على وادي شنجيل «١» بخارج غرناطة. وكان قبل ذلك قد بنى مسجد دار القضاء من ماله، وتأنّق في بنائه، وأصلح مساجد عدة، وفعل خيرا، نفعه الله.

شعره: ومن شعره ما كتب به إلى الشيخ أبي يحيى بن أبي عمران، وزير الخلافة، وهو بحال شكاية أصابته: [الطويل]

شكوت فأضنى المجد برح شكاته ... وفارق وجه الشمس حسن آياته «٢»

وعادت ببعديك «٣» الزّمان زمانة ... تعدّت إلى عوّاده «٤» وأساته

وغيّض ما للبشر لمّا تبسّطت ... يد السّقم «٥» في ساحات كافي كفاته

فكيف بمقصوص وصلت جناحه ... وأدهم قد سربلته بشاته؟

وممتحن لولاك أذعن خبرة ... وهان على الأيام غمز قناته

أمعلق أمالي ومطمح همّتي ... وواهب نفسي في عداد مباته

سأستقبل النّعمى ببرّك غضّة ... ويصغر ذنب الدهر في حسناته

وتسطو عين الحقّ منك بمرهف ... تراع الخطوب الجور من فتكاته

وتطلع في أفق الخلافة نيّرا ... تطالعنا الأقمار من قسماته

حرام على الشكوى اعتياد مطهّر ... حياة الدّنا والدين طيّ حياته

فما عرضت في قصده بمساءة ... ولكن ترجّت أن ترى في عفاته