للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى! فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ كَمَا تَقُولُ قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيْهِ أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} قَالَتْ بَلَى قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ

وَحَكَى ابْنُ سُرَاقَةَ فِي كِتَابِ الْإِعْجَازِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا: ما شَيْءٍ فِي الْعَالَمِ إِلَّا وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ فَأَيْنَ ذِكْرُ الْخَانَاتِ فِيهِ؟ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} فَهِيَ الْخَانَاتِ.

وَقَالَ ابْنُ بُرْجَانَ: مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ في القرآن به أَوْ فِيهِ أَصْلُهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ فَهِمَهُ مَنْ فَهِمَهُ وَعَمِهَ عَنْهُ مَنْ عَمِهَ وَكَذَا كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ أَوْ قَضَى وَإِنَّمَا يُدْرِكُ الطَّالِبُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ وَبَذْلِ وُسْعِهِ وَمِقْدَارِ فَهْمِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ مِنَ الْقُرْآنِ لِمَنْ فَهَّمَهُ اللَّهُ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَنْبَطَ عُمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً مِنْ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} فَإِنَّهَا رَأْسُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سُورَةً وَعَقَّبَهَا بِالتَّغَابُنِ لِيَظْهَرَ التَّغَابُنُ فِي فقده.

وقال ابن الْفَضْلِ الْمُرْسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: جَمَعَ الْقُرْآنُ عُلُومَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ بِحَيْثُ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا حَقِيقَةً إِلَّا الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَا مَا اسْتَأْثَرَ بِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى ثم ورث ذلك عنه معظم سَادَاتُ الصَّحَابَةِ وَأَعْلَامُهُمْ مِثْلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى قَالَ: لَوْ ضَاعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>