للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مُرَاعًى قَالَ تَعَالَى: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ} لِأَنَّ الْمُلْكَ شَيْءٌ عَظِيمٌ لَا يُعْطَاهُ إِلَّا مَنْ لَهُ قُوَّةٌ وَكَذَا {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} {آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي} لِعِظَمِ الْقُرْآنِ وَشَأْنِهِ وَقَالَ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} : لِأَنَّهُ مَوْرُودٌ فِي الْمَوْقِفِ مُرْتَحَلٌ عَنْهُ قَرِيبٌ إِلَى مَنَازِلِ الْعِزِّ فِي الْجَنَّةِ فَعَبَّرَ فِيهِ بِالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ يُتْرَكُ عَنْ قُرْبٍ وَيُنْتَقَلُ إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَكَذَا: {يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ الْإِعْطَاءِ وَالزِّيَادَةِ إِلَى أَنْ يَرْضَى كُلَّ الرِّضَا وَهُوَ مُفَسَّرٌ أَيْضًا بِالشَّفَاعَةِ وَهِيَ نَظِيرُ الْكَوْثَرِ فِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْهُ وَكَذَا: {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ} لِتَكَرُّرِ حُدُوثِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَوْجُودَاتِ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} لِأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى قَبُولٍ مِنَّا وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَهَا عَنْ كُرْهٍ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الرَّاغِبُ: خُصَّ دَفْعُ الصَّدَقَةِ فِي الْقُرْآنِ بِالْإِيتَاءِ نَحْوَ: {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ} {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} قَالَ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِي وَصْفِ الْكِتَابِ " آتَيْنَا " فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ " أُوتُوا " لِأَنَّ " أُوتُوا " قَدْ يُقَالُ: إِذَا أُوتِيَ مَنْ لَمْ يَكُنْ منه قبول " وآتيناهم " يُقَالُ فِيمَنْ كَانَ مِنْهُ قَبُولٌ.

وَمِنْ ذَلِكَ السَّنَةُ وَالْعَامُ قَالَ الرَّاغِبُ: الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُ السَّنَةِ فِي الْحَوْلِ الَّذِي فِيهِ الشِّدَّةُ وَالْجَدْبُ وَلِهَذَا يُعَبَّرُ عَنِ الْجَدْبِ بِالسَّنَةِ وَالْعَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>