للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون الإمام - نظير مالك - في كلامه المشهور الذي رد فيه على الجهمية ومن خلفها (١) قال: فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقاً وتكلفاً قد استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال: لا بد إن كان له كذا من أن يكون له كذا، فعمي عن البين بالخفي، فجحد ما سمى البر من نفسه فصمت الرب عما لم يسم منها فلم يزل يمثل له الشيطان حتى جحد قول الله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة) فقال لا يراه أحد يوم القيامة فجحدوا الله أفضل كرامته التي أكرم الله أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه ونظرته له إياهم (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) وقد قضى أنهم لا يموتون فهم بالنظر إليه ينضرون - إلى أن قال - وإنما جحدوا رؤية الله يوم القيامة إقامة للحجة الضالة المضلة، لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين وكان له جاحداً.

وقال المسلمون: يا رسول الله، هل نرى ربنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل تضارن (٢) في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ " قالوا لا، قال " فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ " قالوا له، قال " فإنكم ترون ربكم كذلك " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تمتلئ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط، وينزوي بعضها إلى بعض ".


(١) أي من جاء بعد الجهمية ممن يقول قولهم
(٢) يروي بتشديد الراء وتخفيفها. فالتشديد بمعنى لا تتخالفون ولا تتجادلون في صحة النظر إليه لوضوحه وظهوره. وقال الجوهري: أراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه وأما التخفيف فهو من الضير وهو لغة في الضر

<<  <  ج: ص:  >  >>