للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أمر لا يتنازع فيه اثنان ممن يقول أن الأفلاك مستديرة، واستدارة الأفلاك كما أنه قول أهل الهيئة والحساب فهو الذي عليه علماء المسلمين كما ذكره أبو الحسين بن المنادى وأبو محمد بن حزم وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهم أنه متفق عليه بين علماء المسلمين، وقد قال تعالى (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون) قال ابن عباس في فلكة مثل فلكة المغزل، والفلك في اللغة هو المستدير (١) ومنه قولهم: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. وكل من جعل الأفلاك مستديرة يعلم أن المحيط هو العالي على المركز في كل جانب. ومن توهم أن من يكون في الفلك من ناحيته يكون تحته من في الفلك من الناحية الأخرى في نفس الأمر فهو متوهم عندهم.

وإذا كان الأمر كذلك فإذا قدر أن العرش مستدير محيط بالمخلوقات كان هو أعلاها وسقفها وهو فوقها مطلقاً فلا يتوجه إليه وإلى ما فوقه الإنسان إلا من العلو لا من جهته الباقية أصلاً.

ومن توجه إلى الفلك التاسع أو الثامن أو غيره من الأفلاك من غير جهة العلو كان جاهلاً باتفاق العقلاء، فكيف بالتوجه إلى العرش أو إلى ما فوقه، وغاية


(١) هذا معناه العام. وأما معناه الخاص بالكواكب فهو مدار الكوكب كما تقدم في حاشية (ص ١١٦) وهو مستدير على كل حال سواء كان كما قال المتقدمون من اليونان والعرب أم كان فضاء فما نقله شيخ الإسلام من اتفاق علماء المسلمين على استدارة الافلاك صحيح على كل حال فان الكواكب كلها مستديرة كرية الشكل وافلاكها التي تدور فيها كذلك، والعالم كله كري الشكل، وكل جرم من أجرامه يسبح دائراً في فلك له مستدير بنظام حسابي مطرد كما قال تعالى (الشمس والقمر بحسبان)

<<  <  ج: ص:  >  >>