للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإحسان إلى اليتيم]

ولم يهمل الإسلام حق اليتيم في الرعاية والتعليم، وإنما نجد القرآن في آيات كثيرة يحض على الإحسان إلى اليتيم, ويوصي المسلمين بتعهده بالعناية وصيانة حقوقه حتى يشب ويكبر, ضمانًا لسلامة نوازعه, وحرصًا على طهارة نفسه من الحقد والضغينة والعقد النفسية الضارة, وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} .

عن أنس -رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه سلم: "من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين إصبعيه" ١.

قال الحكيم الترمذي: إنما فاق هذا سائر الأعمال؛ لأن اليتيم افتقد برّ أبيه ولطفه وتعاهده، والله تعالى وليّ ذلك كله، يجريها على الأسباب، فإذا قبض أبوه فهو الولي لذلك اليتيم في جميع أموره, يبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك.

قال موسى -عليه السلام: "يا رب أيتمت أبَوَى الصبي ومن لا حيلة له وتدعه هكذا؟ قال يا موسى: أما ترضى بي كافلًا, فاليتيم كافله خالقه؛ لأنه قطع عنه من كان قيض له، وطوع عنه

أسبابه، فمن عمد إلى كفالته فإنما ذلك عمل يعمله عن الله تعالى، لا عن نفسه، كما أن الرسل -عليهم السلام- يعملون عن الله تعالى، يؤدون عنه حججه إلى خلقه، وبيانه، وهدايته، والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله تعالى ما تكفل به, فلذلك صار بالقرب في الدرجة في ذلك الموقف، وليس في الجنة بقعة أروح ولا أطيب ولا أنور ولا آمن من البقعة التي يكون بها الرسل -عليهم السلام، فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة سعد جده، وأما سائر الأعمال سوى الجهاد، يعمله العمال عن أنفسهم، والجهاد فيه ذب عن الدين, وإعلاء كلمة الله, فهم على أثر الأنبياء -عليهم السلام- يومئذ بالقرب منهم"٢.


١ الحكيم الترمذي، نوادر الأصول ج٢/ ٥٨١، ٥٨٢.
٢ المصدر السابق نفسه.

<<  <   >  >>