للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التابعون في القرآن ١:

قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ٢.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ، تشمل من تبع السابقين الأولين من الصحابة، وغيرهم ممن حمل علمهم, وعمل بعملهم.

وقد تبع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أخذ عنهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وليس العهد ببعيد, فما بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلّا واسطة واحدة، هم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسول الله؛ لأنهم الذين عاشروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, ورأوا هديه, واهتدوا به، ونظروا قضاءه وحكمه فيما اختلف الناس فيه، وشهدوا أخلاقه وآدابه وأحواله, وتصرفه في السلم والحرب والمعاهدات وأمور الدنيا والآخرة, واستقى كل بقدر استعداده من ينبوع الفيض الرباني, وانعكس نوره -صلى الله عليه سلم- على أرواحهم وقلوبهم النقية الطاهرة، فكانوا أبرَّ خلق الله وأفضل الأمم، وهم أولى الأمة بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ٣.

وهؤلاء التابعون الذين اختارهم الله -عز وجل- لإقامة دينه، وخصَّهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسنن رسوله -صلى الله عليه سلم, وآثاره, فحفظوا عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما

نشروه وبثوه من الأحكام والسنن والآثار، فأتقنوه وفقهوا فيه وعلّموه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله -عز وجل, ونهيه، كما وصفهم الله -عز وجل, ونصبهم له: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ٤.


١ راجع الخطيب البغدادي: كتاب الكفاية, ص١٣، ١٤.
٢ سورة التوبة: ١٠٠.
٣ سورة آل عمران ١١٠.
٤ سورة التوبة ١٠٠.

<<  <   >  >>