للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيسر من الولادة الأولى, ويرتبط عدد مرات الحمل بالطبع بسن الأم, فمن البديهي أن تكون الأم التي تلد أكثر من ٤مرات أكبر سنًّا من تلك التي تلد عددًا أقل من المرات إذا تساوى سن الزواج.

ويؤثر في نمو الجنين الحالة الانفعالية للأم, إلّا أننا يجب أن نذكر أن هذا العامل لم يدرس بعد دراسة كافية على أمهات الأجنة البشرية, بسبب صعوبة تصميم مثل هذه البحوث التي تنتمي إلى دراسة التفاعل بين الأم والجنين, وتقدير أثر هذا التفاعل في نموه, وقد اقتصرت معظم البحوث على الظواهر التي يمكن أن تقاس بموضوعية, وخاصة النشاط البيولوجي والنشاط الحسي, ولهذا فإن معظم هذه البحوث أجريت على الحيوانات، ومنها اتضح بصفةٍ عامَّةٍ أن تعرض الأم الحيوانية الحامل للضغوط الانفعالية يؤدي إلى تغير سلوك النسل, ومن ذلك زيادة الانفعالية لديه "Mussen ١٩٧٠", ويبدو من ذلك أن من المنطقي استنتاج: أن الحالة الانفعالية للأم تؤثر في نمو جنينها؛ فالأم غير السعيدة في حياتها الزوجية تشعر بالقلق نتيجة للحمل, وحتى الأم السعيدة تشعر أحيانًا بالقلق من عملية الولادة, وخاصة إذا كانت للمرة الأولى, وقد تأكد تأثير هذه الحالات على الجنين بالرغم من عدم وجود ارتباط مباشر بين الجهاز العصبي لكلٍّ من الأم والطفل, وقد ينشأ الأثر عن نشاط الجهاز العصبي المستقل للأم الذي يستثير الغدد الصماء لإفراز هورمونات؛ مثل: الأدرينالين الذي يصاحب الحالات الانفعالية مثل القلق, والهورمونات يمكنها أن تخترق المشيمة, وتدخل في المسمار الرئيسي لدم الجنين, وفي دراسة مبكرة قام بها سونتاج "Sontage ١٩٨٧" أن الأطفال الذين يتَّسِمون بكثرة النشاط أثناء الحمل ربما نتيجة لقلق الأم، يظهرون فيما بعد الكثير من الصراخ والتلوي والإسهال ومشكلات التغذية, كما أكَّدَ باحثون آخرون "Copans ١٩٧٤" بعد ذلك أعراضًا أخرى لأطفال هؤلاء الأمهات؛ مثل: القئ المتكرر, والحساسية للأصوات, وقد تؤثر الحالة الانفعالية للأم أيضًا في زيادة النشاط الحركي للجنين "Ridgway ١٩٨٧"؛ فإذا استمر التوتر الانفعالي والقلق طوال فترة الحمل, فإنه قد يؤدي إلى صعوبات جمة أثناء الولادة.

وحالما يولد الطفل من أمٍّ شديدة القلق, وعلى درجةٍ من الاعتمادية على الآخرين, ولديها اتجاهات متناقضة أو سلبية إزاء الحمل, فإن طفلها يكون زائد النشاط, مفرط الحساسية, وغير منتظم في طعامه ونومه وعادات الإخراج عنده، بالإضافة إلى ما قد يعانيه من أمراضٍ خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته "Stott ١٩٧١", وهذه الحالة المزاجية قد تكون وراثية، وقد ترجع مباشرة إلى القلق الزائد عند الأم.

إلّا أننا نحب أن ننبه إلى أن النتائج السابقة ترتبط بالحالة الانفعالية الشديدة طويلة المدى لدى الأم, ولا نتوقع أن يؤدي الضغط النفسي العادي أو القلق المتوسط أو المؤقت, إلى آثارٍ خطيرة في الجنين.

<<  <   >  >>