للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مشاعره الجوهرية والبدائية نحو البيئة؛ من حيث الثقة أو عدم الثقة فيها، ويشمل ذلك علاقات الحب والانتباه واللمس والتغذية.

ويقصد بالشعور بالثقة: قدرة الطفل على التنبؤ بسلوكه وسلوك الآخرين والاعتماد عليهما, وهو يشتق أساسًا من خبرات السنة الأولى من حياة الطفل "جزء من مرحلة الرضاعة", ومعنى ذلك أن اتجاه الطفل الأساسي نحو "اعتمادية العالم بعضه على بعض" يتكون من طبيعة العلاقات التي يتعرض لها خلال تلك المرحلة التي يسميها فرويد "المرحلة الفمية", والتي تحتل فيها الأشياء المتصلة بالتغذية ونشاط الفم أهمية بالغة, وتُعَدُّ الأم "أو بديل الأم" الشخص المهم في حياة الطفل في هذ المرحلة, وتؤثر طبيعة العلاقات بين الطفل والشخص القائم بدور الأمومة خلال هذه السنة الأول في تحديد المستوى الذي يصل إليه الطفل في مقياس الثقة - عدم الثقة, فإذا كانت حاجة الطفل إلى الطعام تحبط بشكل متكرر, فإن الطفل سوف يبدأ حياته وهو أقرب إلى بعد عدم الثقة, وقد يقضي على الشعور بالثقة سوء العلاقة الانفعالية الوجدانية, ورفض الأم للطفل انفعاليًّا أثناء إشباع حاجاته الجسمية.

ويرى أريكسون أن الخلل في الثقة الذي تتعرض له العلاقة الانفعالية بين الطفل والأم خلال السنة الأولى, يمكن إصلاحه إلى حَدٍّ ما في السنوات التالية, إذا تعرَّضَ الطفل لبيئةٍ اجتماعية ملائمة, إلّا أن هذا الخلل لا يتم التغلب عليه تمامًا مهما كانت الخبرات التالية إيجابية, وبالمثل فإن الطفل الذي يكوّن اتجاه الثقة خلال السنة الأولى, قد يتعرض لبعض الخبرات السلبية في المستقبل من أشخاصٍ مهمين بالنسبة إليه, تهز فيه هذا الشعور، ومع ذلك سوف يحتفظ بقدرٍ من الإحساس بالثقة في الذات, والثقة في الآخرين, ينشأ نتيجة لنجاحه في اجتياز أزمة الثقة - عدم الثقة في مرحلة الرضاعة, وهذه الفكرة حول دوام واستمرار الثقة أو عدم استمرارها تُعَدُّ المصدر الأساسي للنمو الوجداني في هذا الطور.

دور العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة في مرحلة الرضاعة:

الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي يعيش فيها الطفل, ولهذا تلعب العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة دورًا هامًّا في تشكيل سلوك الرضيع, فوالداه وأخوته وأقاربه الذين يتصلون به اتصالًا مباشرًا ومنتظمًا خلال هذه السنوات التكوينية الهامة, يحددون جميعًا اتجاهاته نحو الناس والأشياء والحياة, وعلى الرغم من أن هذه الاتجاهات تتغير وتتعدل بلا شكٍّ مع نموِّ الطفل ومع اتساع آفاق البيئة التي يعيش فيها، إلّا أن جوهر هذه الاتجاهات ومحورها يظلُّ ثابتًا لفترةٍ طويلةٍ من الزمن.

<<  <   >  >>