للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استخدامه دون حرج في هذه المرحلة، وهو يعني اعتراف المجتمع لهم بمستوى النضج اللازم لتحمل المسئولية, وفي اللغة الإنجليزية تشيع الإشارة إليهم بعبارة "أبناء العقد الثاني من العمر Teenagers ١, ولو أن هذا الوصف لا يوافق عليه الشباب أنفسهم -ونحن نوافقهم على ذلك؛ لأنه يعبِّرُ عن طور المراهقة المبكرة أو بلوغ الحلم أكثر مما يعبِّرُ عن طور بلوغ السعي.

ويتميز طور السعي بعدد من الخصائص العامة؛ فالتقلب وعدم الاستقرار الذي كان يسود المراهقة المبكرة يحلّ محلَّه بالتدريج نوعٌ من الاستقرار والثبات, ويظهر ذلك على وجه الخصوص في استقرار الميول المهنية واللامهنية "الهوايات", وفي نوع الملابس، وفي أساليب الترويح، وفي اختيار المهنة، وفي الصداقات، وفي السلوك الانفعالي, وخاصةً نقصان التقلُّب المزاجي، وفي الاتجاهات الاجتماعية التي لم تَعُدْ تتأثر بالدعاية أو الإعلان, أو آراء الآخرين, كما كان الحال في المراهقة المبكرة.

وبسبب هذا الاستقرار المتزايد, يزداد تكيُّفُ الشاب على نحوٍ أفضل لظروف الحياة، ويتوقف على البيئة التي يعيش فيه الفرد تحديد متى يحلّ الاستقرار محل التقلُّب, وكيف سينجح الشاب في تحقيق ذلك، فإذا كان عليه أن يعيش مع أسرته طول الوقت، وإذا كان الوالدان يميلان إلى المبالغة في حمايته, فإنه سيظل غير ناضجٍ في هذه الناحية من النموّ، أما إذا أتيحت له الرص أن يعيش بعيدًا عن الحماية الزائدة للوالدين؛ في المعسكرات أو في المدارس الداخلية, أو في المدن الجامعية للكليات والمعاهد, أو في القوات المسلحة, فإن ذلك يدفعه إلى أن يتخذ قراراته بنفسه متحررًا من ضغوط الوالدين، وسوف يؤدي ذلك به إلى مزيدٍ من الاستقرار في سلوكه.

وبالإضافة إلى ذلك, فإن الآخرين خارج نطاق أسرته لا يقبلون منه السلوك المتقلب المتذبذب، فهم أقل من الوالدين تسامحًا في هذا الصدد, وهذا يهيئ للشاب دافعًا إلى مزيدٍ من الاستقرار, والشاب الذي ينمو في عائلة كبيرةٍ؛ حيث يُتَوقَعُ منه أكثر مما يتوقع من الشاب الذي يعيش في أسرة صغيرة, أن يكون أكثر استقرارًا في سلوكه؛ لأنه أقل تعرضًا للحماية الزائدة من الوالدين, ونشير هنا إلى أن مقدارًا معقولًا من عدم الاستقرار في هذه المرحلة, هو علامة نضج اجتماعي وعقلي، فقد ينشأ عن الحماية الزائدة أثر مضاد, وهو الاستقرار الزائد, وهو ما يسبب للشباب نقصانًا في الثقة في قدرته على التعامل مع مشكلات حياته بمفرده, ويؤدي به ذلك إلى أن يصبح جامدًا متصلبًا, ويُنَمَّى لديه النمط التسلطي في الشخصية, أما ظهور بعض علامات عدم الاستقرار فقد يدل على أن الشاب يواجه بعض الصعوبات والمشكلات في محاولته تخطي عادات الطفولة, وإحلال العادات الأكثر نضجًا محلها.


١ تعبير في اللغة الإنجليزية يشير إلى الأشخاص الذين تمتد أعمارهم بين ١٢-١٩سنة.

<<  <   >  >>