للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة, وهذا المحك العمري يشمل فئة من الصبية والناشئة والفتيان, وأطلقت عليهم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في ندوةٍ عقدتها بالكويت عام ١٩٧٦ تسمية "فئة اليافعين", ويمثل الحد الأقصى لهذه المرحلة مظاهر استقلالٍ متعددةٍ تُمَثَّلُ في الوصول إلى الأهلية للمواطَنَةِ الكاملة، ومن مظاهر ذلك الحصول على البطاقة الشخصية, وبطاقة قيادة السيارة, والمثول أمام سلطات التجنيد الإجباري، وحق العمل بلا قيد، وحق الزواج وتكوين الأسرة للمرأة "في سن ١٦", وللرجل "في سن ١٨"، ناهيك عن المسئولية الجنائية الكاملة. والتناقض الجوهري "من الوجهة القانونية والتشريعية" أن يُوصَفَ هذا المواطن الذي يبلغ من العمر "١٦-١٨ سنة بأنه "قاصر", أو بأنه "طفل" كما هو الحال في قانون الطفل الجديد في مصر، بالرغم من هذا كله, وعليه أن ينتظر من ٣-٥ سنوات حتى يبلغ سن الرشد الذهبي ٢١ عامًا, فهل يستطيع علم النفس أن يحل هذه المعضلة؟ وهل نستطيع من خلال نتائجه ونتائج العلوم الإنسانية والاجتماعية الأخرى أن نتوصل إلى محكات أكثر تحديدًا للرشد؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة وأمثالها على درجة كبيرة من الأهمية في هذا الصدد، وخاصةً إذا تنبهنا إلى بضعة حقائق سيكولوجية أفرزها العصر الحديث, نذكر منها:

١- تناقص الوعي بالتغيرات الفسيولوجية والسيكولوجية التي تحدث مع بلوغ الرشد والتقدم فيه، وذلك لأن الوسائل الطبية الجديدة والتغيرات في "موضات" الأزياء تساعد الرجال والنساء من مختلف الأعمار على أن يبدوا ويشعروا ويتصرفوا كما لو كانوا في غير أعمارهم, وخطوط التقسيم بين الأعمار المستخدمة في الوقت الحاضر هي معالم عامة وليست حدودًا خاصة فاصلة، وتظهر على وجه الخصوص حين يُتَوقَّعُ من المرأة أو الرجل أن يظهروا "في المتوسط" بعض التغيرات في المظهر, أو وظائف الجسم, أو جوانب السلوك، أو حين تؤدي الضغوط البيئية في ثقافة معينة إلى ظهور مشكلات تَوَافُقٍ لا يستطيع تجنبها إلّا القليل من الرجال أو النساء من عُمْرٍ معين.

٢- تغير أدوار بعض المراهقين "ابتداءً من سن ١٦"، بل وبعض الأطفال حين يدخلون عالم العمل خاصةً مبكرين، فهم يسلكون سلوك الراشدين على نحوٍ أكثر تبكيرًا من أقرانهم الذين يواصلون تعليمهم، صحيح أنهم يحرمون من فرصة جعل هذا الانتقال من الطفولة إلى الرشد بطيئًا خلال طَوْرِيْ المراهقة والشباب, إلّا أنهم يَتَّسِمُونَ بالفعل بكثيرٍ من سمات الراشدين, على الرغم من أنهم لم يبلغوا سن

<<  <   >  >>