للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في ذلك دون شكٍّ، ومن ذلك درجة التقدُّمِ التكنولوجي في المجتمع؛ فالمجتمعات ذات المستوى التكنولوجي المتقدم تكون في حاجة إلى عدد أكبر من الأفراد ذوي القدرة العالية على التفكير المجرد، وعلى ذلك فإن مثل هذه المجتمعات أكثر تهيؤًا لتوفير مسالك وسبل لنمو هذا النمط من التفكير وطرق التعبير عنه، ومن هذه السبل التربية, وقد أيدت البحوث الحديثة وجود علاقة موجبة بين عدد سنوات الدراسة ونموّ مبادئ التفكير باستخدام العمليات الصورية, ويوجد عامل آخر يرتبط بالتفكير الصوري هو مستوى الذكاء, فمن المتوقَّع أن يكون الأشخاص الأكثر ذكاءً أكثر قدرةً على تنمية واستخدام العمليات الصورية أيضًا.

ويوجد جدل حادٌّ في أروقة علم نفس النموِّ حول ما أشرنا إليه من أن الراشدين لا يصلون جميعًا بالضرورة إلى المستوى المعرفي للعمليات الصورية, بل ربما لا يصل إلى هذه المرحلة بالفعل أكثر من ٥٠% منهم, ويذكر "Dasen ١٩٧٢" أن هذا النمط من التفكير أقل شيوعًا في الثقافات غير الغربية, وهذا القول أكده "Leskow Smock ١٩٧٠" من قبل, كما يذكر آخرون "Elkind ١٩٦١" أن هذه القدرة أقل نموًّا لدى النساء, كما أنها لا تظهر إلّا لدى نسبة لا تزيد عن ١٧% من طلاب الجامعة "Tolmlinson- Keasey ١٩٧٢", ويفسر بعض الباحثين هذه النتائج بأنها لا ترجع إلى عدم القدرة لدى هؤلاء على استخدام الاستدلال المنطقي كما يحدده مفهوم بياجيه عن العمليات الصورية, وإنما ترجع إلى أن بعض ميول الاستجابة وبعض خصائص الاختبارات المستخدمة لا تسمح لكلِّ شخصٍ بإظهار كفاءته بنفس الدرجة "Brodzinsky et al ١٩٨٠", فإذا كان الشخص غير مهتم بالمهمة التي يؤديها في الموقف التجريبي أو الاختباري، أو كان على على درجة عالية من القلق نتيجة وضعه موضع التقويم، أو كانت المهارات المطلوبة لحل المشكلة قد تعرضت "للصدأ" نتيجةً لعدم الاستعمال, فإن أداء هذا الشخص حينئذٍ يكون أضعف من أدء شخصٍ آخر لديه الدافعية للعمل، ودرجة منخفضة من قلق التقويم، ويمارس بانتظام هذه المهارات اللازمة لحل المشكلة، ولعل أهم العوامل التي تؤثر في أداء الأفراد في هذه المهام اللازمة لحل المشكلة, ولعل أهم العوالم التي تؤثر في أداء الأفراد في هذه المهام الخاصة بالعمليات الصورية وغيرها من المهام التي استخدمها بياجيه, تعود في جوهرها إلى ما يُسَمَّى في الوقت الحاضر الأسلوب المعرفي Cognitive Style, والذي يدل على النمط الذي تَعَوَّدَ عليه الفرد كأسلوب في حل المشكلات؛ فالأشخاص الذين يتسمون بالأسلوب التأملي -أي: أولئك الأكثر حذرًا وحيطةً, وأكثر رويةً وأناةً, وأكثر انتظامًا, ويستخدمون التخطيط في سلوك حل المشكلة- يؤدون أداء جيدًا في هذا المهام, كما يؤدي في المهام

<<  <   >  >>