للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحافظة السياسية, وهذه النتائج قد تفسر لنا كثيرًا من صور "التطرف" السياسي الذي شهدته بعض مجتمعات الدول النامية "ومنها مصر" في السنوات الأخيرة؛ فالتطرف هنا قد لا يكون عن اعتقادٍ "عميق"، بقدر ما هو تعبير عن رفضٍ وغضبٍ وتنفيسٍ عن إحباط وفشل, وعلى الرغم من أن العلاقة بين الاستدلال الخلقي والتوجه السياسي, فُسِّرَتْ بوجهٍ عام في إطار النمو المعرفي، أي: على أنها تعكس أثر مستوى النضج الخلقي على الاتجاهات السياسية، إلّا أن البحوث الأمبريقية أكدت أن ذلك قد لا يكون صحيحًا, والأصح القول بأن الطريقة التي يفكر بها الشخص عند تناوله المسائل الخلقية تعكس التزامًا سياسيًّا واجتماعيًّا أساسيًّا وليس العكس, ومعنى ذلك أن التعبير عن أخلاق ما بعد التقاليد قد لا يمثل انتقالًا إلى مستوى معرفي وخلقي متميز كيفيًّا، كما قد يفهم من النموذج الأصلي لكولبرج، وإنما هو تعبير عن التزام بالأيديولوجية السياسية والاجتماعية, وخاصة التصنيف الشهير "اليسار في مقابل اليمين" أو "التحرر في مقابل المحافظة".

وقد أخضع نموذج كولبرج للاختبار الأمبريقي في دراسة مصرية, قام بها شحاتة محروس طه "١٩٨٩"، أجريت على ٥٧٦ فردًا من الجنسين؛ من أطفال مرحلة الحضانة, وتلاميذ الصفوف الرابع والسادس والثامن من التعليم الأساسي, وطلاب الصف الثاني الثانوي, والمرحلة الجامعية, والباحثين في الدراسات العليا, والعاملين في مهنة التدريس, وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:

١- تسود المرحلة الأولى من النمو الخلقي عند كولبرج "أخلاق الخضوع" على أحكام الأطفال المصريين, وتُعَدُّ مسيطرة حتى بعد سن ٩ سنوات بقليل.

٢- تسيطر المرحلة الثانية من النمو الخلقي "أخلاق الفردية والأنانية" على أحكام الأطفال المصريين من سن ٩ إلى قبيل ١٢سنة.

٣- تسيطر المرحلة الثالثة من النمو الخلقي "أخلاق التوقعات المتبادلة بين الأشخاص" والتي تنتمي إلى مستوى سيادة العرف والتقاليد, على أحكام تلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي "المرحلة الإعدادية".

٤- أما المرحلة الرابعة, والتي تنتمي إلى نفس المستوى الخلقي "أخلاق النظم الاجتماعية والضمير" فتسيطر على أحكام الطلاب من سن ١٧ سنة أو قبلها بقليل، وتظل هي السائدة في أحكام الراشدين فيما بعد.

ومن أهم النتائج التي تخص النمو الخلقي للراشدين خاصة -والتي أظهرها هذا البحث- أن مستوى ما بعد العرف والتقاليد, أو مستوى المبادئ الخلقية يسود

<<  <   >  >>