للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رعاية الأبناء, فهم أيضًا يجافون فطرة الإسلام, يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: ٧٢] .

ويشير إلى أن هذه سنة المرسلين والأنبياء وهم ما يجب الاقتداء بهم، يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨] .

فإذا تعرضت هذه العلاقة الحميمة للتدهور بسبب الطلاق، أو نشأت فيها بعض الظواهر غير الطبيعية "كالهجرة المؤقتة"، أو نشأت علاقات بين الجنسين خارج نظام الزواج، فإن ذلك كله يعد من قبيل الخلل الاجتماعيّ والفساد الأخلاقي الذي يحتاج إلى العلاج والتصحيح لا إلى الاعتراف به كبديلٍ للنظام الأساسي للأسرة المؤلفة من زوجين "رجل وامرأة" وأبنائهما.

وتقوم الأسرة بتكوينها الأساسي الذي أشرنا إليه بوظائف هامة باعتبارها وحدة اجتماعية تربط أعضاءها معًا، وتربطهم في نفس الوقت بالمجتمع الأكبر الذي يعيشون فيه, ونلخص هذه الوظائف فيما يلي:

أ- الأسرة هي السياق الطبيعيّ للعلاقات الجنسية الشرعية: فلقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان من ذكر وأنثى، والدافع الجنسي دافع مشروع في الإسلام كغيره من دوافع السلوك, بشرط أن يتم إشباعه بالطرق التي يقرها الإسلام "الحلال", وإذا تُرِكَت العلاقة بين الجنسين لا يحكمها نظامٌ ولا تحميها شريعةٌ تحوَّلَ الإنسان إلى الحيوانية, ونظام الأسرة يحفظ للإنسان إنسانيته من خلال علاقة مشروعة بين الجنسين، وهو بذلك يحفظ لكلٍّ من الرجل والمرأة عفته وطهره.

ب- الأسرة هي السياق الطبيعيّ للإنجاب الشرعي: ومن المعروف أنه حتى في المجتمعات الغربية التي انفلتت فيها معايير العلاقات الجنسية يُعَدُّ أي إنجاب خارج نطاق الأسرة إنجابًا غير مشروع illegitimate. والشرعية تحدد موضع الطفل في البنى التنظيمية للمجتمع، وتحدد مسئوليات الوالدين في رعايته وتنشئته.

جـ- الأسرة أساس البنية الاجتماعية: الأسرة في نظر الإسلام أرقى من أن تكون مجرَّدَ وسيلة لقضاء الشهوة الجنسية, أو وسيلة لإنجاب الأولاد, ولكنها الأساس التي يقوم عليها البناء الاجتماعي, وتصل الأسرة في أهميتها إلى حَدِّ أن جعلها

<<  <   >  >>