للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي.

أما مسألة العنصر الوجداني في الزواج فيركز عليه الرسول -عليه الصلاة والسلام- في اختيار الزوجة، وفي ذلك يقول: "خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده" متفق عليه.

وعنصر الحُنُوِّ والرعاية في الزوجة ليس بالطبع من طرف واحد، وإنما هو تفاعل بين طرفين, وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] .

والخطاب في هذه الآية الكريمة للرجال والنساء على حَدٍّ سواء.

ويضيف الإسلام -بالنسبة للمرأة خاصة- عامل الجاذبية الجسمية، إلّا أن هذا العنصر ليس له الأولوية، بل يأتي بعد التقوى والصلاح والاستقامة والأخلاق الفاضلة, وفي ذلك يقول الرسول الكريم:

"ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته, وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله" رواه ابن ماجة.

أما الرجل فيخصه الإسلام بخاصية القدرة على تحمُّلِ تبعات الزواج وخاصة القدرة الاقتصادية, ونشير هنا إلى حديث الرسول -عليه السلام -الذي تناولناه من قبل- وفيه يحثّ القادرين "الذين يستطيعون الباءة" على الزواج، ووجَّه الذي لا يستطيع إلى الصوم والعبادة إلى أن يستطيع, وحد الاستطاعة والقدرة هنا لا يقصد به الغنى والثراء، وإنما أن يتوافر لدى الرجل الحدِّ الأدنى الذي يمكنه من تحمُّلِ مسئولية بناء الأسرة والإنفاق عليها.

وكم نحن في حاجة إلى التوعية بهذه المبادئ النبيلة حتى يقوم الزواج في المجتمعات العربية والإسلامية على أسس سليمة، وحتى لا يتعرض للانهيار نتيجة الوقوع في أخطاء الاختيار، بل وحتى لا تنشأ المعضلات التي تعوق الشباب من اتخاذ قرار الزواج؛ مثل: غلاء المهور والغلوِّ في نفقات الزواج على نحوٍ يجعل الشباب من ذوي الحد الأدنى من القدرة عليه يحجمون عنه.

التوافق الزواجي: إن المهام التي تواجه أيَّ زوجين حديثين كثيرة وهامة, وقد ينشأ عن بعضها بعض الخلاف والصراع، ولذا فإن من المهمِّ فهم طرق الزوجين في التعامل مع هذا الصراع، أيّ كيف يتجادلان ويتحاوران

<<  <   >  >>