للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل من أهم النتائج النفسية التي توصل إليها البحث، أن الأطفال العاملين يعانون من سوء التوافق الاجتماعي، وسوء التوافق العام، بالمقارنة بالعينة الضابطة, وفَسَّرَ الباحثون ذلك بأن هؤلاء الصغار "يلعبون أدوارًا اجتماعية، تحتاج إلى متطلباتٍ لم تخلق أساسًا لذوي الأعمار الصغيرة، كما أن إحساسهم بالمسئولية الاجتماعية والاقتصادية، عن أسرٍ تحتاج إلى دعمهم الماديّ، قد خلق نوعًا من الصراع بين رغبتهم في أن يعيشوا حياةً مناسبة لحياة الصغار، بما فيها من لعبٍ وانطلاق، وممارسة هواية محببة إلى نفوسهم من يماثلون في العمر, وصراعٌ آخر يتمثل في كونهم يتحمَّلون مهام العمل، على ما فيها من تبعاتٍ ومشاقٍ" المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ١٩٩١، ص٨٤.

إلّا أن الطريف حقًّا أن نشير إلى أن هؤلاء العاملين للصغار، يشعرون بالرضا عن أنفسهم لمساعدة الأهل, فقد أكد ذلك حوالي ٩٢% من أطفال العينة، ويتفق ذلك مع ما أظهروه من توافقٍ شخصيٍّ، لا يختلف عن أطفال العينة الضابطة.

وعلى الرغم من أن هذه النتيجة قد تبدو إيجابية، إلّا أنها يجب ألّا تصرفنا عن النتائج السلبية في معظمها، التي كشف عنها هذا البحث، وأهمها -من الناحية النفسية- نقص ذكاء الأطفال الصغار العاملين، بالمقارنة بأطفال العينة الضابطة، والذي يُعَدُّ -في ذاته- مؤشرًا على سوء بيئة العمل لهؤلاء الأطفال، ونقص القدرة والدافعية لمواصلة التعليم, وانخفاض المستوى الاقتصادي والثقافي للبيئة الأسرية والمجتمعية المباشرة لهؤلاء الأطفال.

أما النتيجة التي تخص رضا الأطفال العاملين عن أدائهم وتكيفهم الشخصي، فلعلها تكشف لنا عن المردود السيكولوجي للعمل -حتى في أصعب الظروف- على الذات، ويمكن استثمار هذه النتيجة في تطوير منظومة التعليم، بحيث يصبح "للتمهين" وجود حقيقي, ولعلَّنَا لا نكون قد نسينا أن فلسفة التعليم الأساسي، هي -في جوهرها- توفير فرص "للتهيئة المهنية" للأطفال.

بطالة الكبار: لعل من أهم الظواهر التي تكشف لنا عن قيمة العمل، وموضعه في حياة الإنسان، دراسة سيكولوجية اللاعمل، ونخص بالذكر حالتيين، هما البطالة unempolyment والتقاعد retirement.

<<  <   >  >>