للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صعودًا وهبوطًا في خطوط الأجيال المختلفة, ومعنى ذلك أن الوالدين لا يؤثرون في أبنائهم فحسب, وإنما يؤثر فيهم أبناؤهم أيضًا.

ويلخص ترول وبنجستون "في Wolman, ١٩٧٢" نتائج البحوث حول الانتقال بين الأجيال, وَوَجَدَا أن معظم الباحثين ركزوا على الاتجاهات والقيم في خمسة مجالاتٍ على وجه الخصوص هي: السياسة والدين والجنس والعمل وأساليب العمل, فقد لوحظ مثلًا أن التشابه في تفضيل الأحزاب السياسية متسق عبر الأجيال, ويظهر تشابه أيضًا -ولكن ليس بنفس قوة التشابه في الانتماء الحزبي- في التوجه السياسي العام, مثل التحرر في مقابل المحافظة, كما وُجِدَ تشابه في القيم الدينية, وعلى عكس ذلك كله وجد اختلاف بين الأجيال حول الأدوار الجنسية, وأساليب الحياة, والتوجه المهني.

وفي دراسة العلاقات بين الأجيال تُعْتَبَرُ مرحلة الرشد الأوسط ذات أهمية خاصة؛ فالراشدون في هذه المرحلة هم الرابطة بين الجيلين الأكبر والأصغر, وكون هذا الجيل يقع في منتصف خط الأسرة يعني أيضًا أنه يتأثر بالاتجاهين معًا؛ فبعض التأثيرات الأسرية تأتيه من أعلى إلى أسفل "أي: تأثير الوالدين المسنين في أبنائهم في منتصف العمر", والبعض الآخر يأتي من أسفل إلى أعلى "حيث يؤثر الأبناء المراهقون أو الراشدون الصغار في الوالدين في منتصف العمر", ولهذا نجد الشخص في هذا الطور يحاول جاهدًا إحداث التكامل بين أدواره الأسرية التي تبدو متعارضة, من ذلك دور القائد والراعي المعتمد على السلطة الوالدية بالنسبة لأبنائه، ودور الخضوع والطاعة بالنسبة لوالديه المسنين, وغنيٌّ عن القول أن هذه المهمة النفسية الاجتماعية تفرض تحديًا كبيرًا على الراشد في طور بلوغ الأشد.

وهنا يجب أن نميِّزَ بين نوعين من الأسر: الأسر ذات الأبناء من المراهقين، وتلك ذات الأبناء من الراشدين الصغار, وبالنسبة للنوع الأول فقد كتب الكثير حول المشكلات الكثيرة وسوء الفهم والتفاهم، وهو ما يشار عليه عادةً بمصطلح "فجوة الأجيال", والتي تتمركز حول الصراع بين الآباء وأبنائهم المراهقين والشباب حول "منحهم" الاستقلال أو "حصولهم" عليه, ولعل هذا ما دفع كثيرًا من الباحثين إلى أن يطلقوا على هذه الظاهرة "صراع الأجيال" "السيد عبد العاطي، ١٩٨٧", وعادةً ما تكون هذه المشكلة نتيجةً لمحاولة الآباء الحفاظ على سلطتهم وتحكمهم في المراهقين الذين هم بدورهم يسعون للاستقلال والحرية، إلّا أن التركيز على فجوة الأجيال أو صراع الأجيال يتجاهل حقيقةً هامةً, وهي أن المراهقين والشباب أنفسهم

<<  <   >  >>