للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحينئذ تصبح المواد الدهنية الشمعية "التي لا تقبل التحلل أو الذوبان" قادرة على التراكم داخل الشريان الأورطي.

وقد اهتمَّ العلماء منذ بضع سنوات بدراسة أثر التقدم في السن على الجهاز العصبي، وكان أشهر من درس هذ الموضوع "Birren, ١٩٧٤", وكانت أهم نتائجه أن المسنين هم في العادة أبطأ في الاستجابة للمثيرات إذا قورنوا بمن هم أصغر منهم سنًّا, ويعكس ذلك تغيرًا جوهريًّا في سرعة تجهيز الجهاز العصبي المركزي للمعلومات؛ فبينما يظهر الإنسان في مراحل ما قبل الشيخوخة السرعة أو البطء في الاستجابة اعتمادًا على مطالب الموقف, فإن المسنين يحتاجون إلى وقتٍ أطول لمجرد تجهيز المعلومات في الجهاز العصبي, وحين يكون المطلوب اتخاذ قرارات أو إصدار حركاتٍ سريعةٍ يبدو المسن غير قادرٍ على إصدار الاستجابة الملائمة, ولذلك نلاحظ على المسنين أنهم أكثر استهدافًا للسقوط, وغير ذلك من الحوادث التي يمكن تجنبها بالبطء في الحركة وإعادة التوافق, ويشبه بيرن ما يحدث بأنه نوع من "خفض التيار" العصبي أشبه بما يحدث للتيار الكهربائي.

ويبدو أن بطء نشاط الجهاز العصبي المركزي له أهميته في مجالات عديدة, فقد يفسر بعض الصعوبات التي يشعر بها المسنون -والتي سنشير إليها فيما بعد- عند الاسترجاع من الذاكرة وأثناء التعلم, وقد يفسر أيضًا بعض الفروق المرتبطة بالعمر في مواقف اختبارات الذكاء التي تلعب فيها السرعة دورًا هامًّا, بل إن بطء الاستجابة قد يؤثر حتى في الشخصية والتوافق، كتناقص درجة ثقة المسن في نفسه, وخاصةً فيما يتصل بقدرته على إدارة شئونه الخاصة في بيئة عصرية سريعة الإيقاع, وقد يؤدي هذا البطء إلى ظهور التصلُّب والجمود في السلوك، وخفض الميل نحو المخاطرة، وكل ذلك من خصائص السلوك في مرحلة الشيخوخة.

وعلى الرغم من أن البطء في نشاط الجهاز العصبي المركزي يؤثر عادةً في كثيرٍ من جوانب السلوك، إلّا أن هذه الحقيقة لا ترتبط بالصورة النمطية الشائعة للمسن بطيء الإيقاع الذي يَجُرُّ ساقيه جرًّا؛ فالواقع أن العجز لا يظهر إلّا إذا كان المطلوب منه تغيير اتجاه حركته, أو إصدار استجابات جديدة تمامًا "Welford ١٩٥٩", فإذا كان المسن قد تعوَّدَ على الحركة السريعة المتآزرة، وكان ذلك لا يتطلّب قرارات جديدة منه، فإن حركته قد تذهل الصغير غير المدرب في سرعتها, ولعل هذا يفسِّر لنا وجود عدد من العازفين المشهورين للبيانو يؤدون بعض المؤلفات الصعبة وبسرعة كبيرة Prestissimo tempo, وهم في السبعينات أو الثمانينات, أو حتى التسعينات من العمر، ومن أشهر أمثلتهم: آرثر روبنشتين،

<<  <   >  >>