للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- التدهور الجسمي: فالأشخاص الذين يجدون السعادة والرفاهية أساسًا في نشاط الجسم يتعرضون لاضطرابٍ خطيرٍ بسبب التغيرات الجسمية خلال الشيخوخة, ولذا نجدهم يهتمون بهذه التغيرات إلى حَدٍّ يجعلهم يشعرون باليأس والقنوط من أنفسهم ومن حياتهم, ومن الواجب أن يغيروا اتجاهاتهم بحيث تنأى عن التركيز على النواحي الجسمية, وتنحو بهم أكثر نحو الأنشطة الإنسانية والعقلية والاجتماعية.

٣- تقبُّل حقيقة الموت: كل شخص مسن عليه أن يواجه حقيقة الموت، وعلى المسلم أن يتقبل ليس فقط حتمية القضاء والقدر فيه، وإنما عليه أن يتأمَّل أيضًا معناه على أنه ليس فناءً نهائيًّا, أو إسدال الستار على الفصل الأخير كما هو الحال في بعض الفلسفات الغربية المعاصرة، وإنما هو بداية لحياة أخرى أبقى وأخلد, وقد ييسر على المسن التكيف لهذه المهمة أن يشعر بأنه حلّ أزمة الإنتاجية والتدفق في رشده من خلال خَلَفٍ صالِحٍ يرثه قيمًا وأفكارًا, وليس فقط ميراثًا ماديًّا سواء كانوا من صلبه "أولاده" أو من الأجيال الجديدة التي تدربت على يديه أثناء العمل.

ومن المهم أن نذكر أن نجاح المسن في مواجهة هذه التحديات يعتمد إلى حَدٍّ كبير، على النجاح الذي أحرزه في مهامه النمائية السابقة, فحل أزمات الشيخوخة هو تراكم لحلول الأزمات النفسية الاجتماعية العديدة التي مرَّ بها الإنسان في أطواره السابقة, وذلك كله من منظور النمو مدى الحياة.

وقد أشرنا من قبلُ إلى الصورة "المنفرة" أو "السلبية" التي تقترن بالشيخوخة في المجتمع الحديث, والحق أن مرحلة العمر الثالث للإنسان تستحضر بالفعل بعض الجوانب غير الجذابة في الثقافات المعاصرة, وبعض الدراسات التي أُجْرِيَتْ في الغرب حول الاتجاهات نحو المسنين أظهرت لنا أن الأشخاص الأصغر سنًّا يدركون المسنين على أنهم منعزلين ومتصلبين، ومتدهورين في قواهم الجسمية والعقلية, واتجاهات طلاب المدارس الثانوية والجامعات نحو المسنين ودورهم الاجتماعي في معظمها سالبة، وكلما ازداد الشخص تقدمًا في السن كانت صورته أقل جاذبية للأصغر سنًّا "Tuckman & Lorg, ١٩٥٣" إلّا أنه لحسن الحظ ليست الصورة بهذا السوء في ثقافتنا العربية والإسلامية؛ ففي دراسة قام بها طلعت منصور "١٩٨٧" على المجتمع الكويتي, توصل إلى نتيجة عامة خلاصتها: وجود اتجاه إيجابي عام نحو المسنين أظهره الشباب والراشدون المبكرون والراشدون في

<<  <   >  >>