للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان، وإلى أيِّ حَدٍّ ترجع هذه العوامل إلى التغيرات التي تطرأ على البناء البيولوجي للإنسان, أو إلى الظروف البيئية والثقافية والاجتماعية التي تحيط به.

وهاتان المشكلتان تستثيران الاهتمام بطبيعة الصعوبات المنهجية في ميدان بحوث النمو, وتتناول فيما يلي هذه الصعوبات مصنفةً تبعًا لطرق البحث المقارن المستخدمة في هذا المجال.

أولًا: الطريقة المستعرضة

الطريقة المستعرضة وقرينتها الطريقة الطولية -التي سنشير إليها فيما بعد- هما أكثر طرق البحث في ميدان النمو استخدامًا، بالرغم من مشكلاتهما المنهجية، وسوف نتناول هاتين الطريقتين أولًا, ثم نعرض لطريقة ثالثة أكثر ملاءمة ودقة, وهي طريقة التحليل التتابعي.

والطريقة المستعرضة Cross- Sectional تعتمد في جوهرها على انتقاء عينات مختلفة من الأفراد من مختلف الأعمار، ثم نلاحظ فيهم بعض جوانب السلوك موضع الاهتمام, أو تطبق عليهم مقاييس لهذه الجوانب من السلوك، على أن تتم الملاحظة أو القياس في نفس الوقت تقريبًا، ويفترض في هذه المقاييس التي تطبق على العينات أنها على درجة كافية من التكافؤ، ويقارن أداء العينات المختلفة في كل مقياس على حدة، وتتم هذه المقارنات في ضوء متوسطات العينات, أي: أن المقارنة بين مختلف الأعمار تتم في ضوء الفروق بين المجموعات, وتفترض هذه الطريقة أن هذه المتوسطات توضح مسار النمو العادي, وتقترب بنا إلى حَدٍّ كبير من الدرجات التي نحصل عليها لو أجرينا البحث على أفرادٍ من عمر معين, ثم أعيد اختبارهم تتبعيًّا عدة مرات حتى يصلوا إلى الحد الأقصى من العمر موضع البحث, ومن أمثلة ذلك إذا أراد الباحث دراسة النمو العقلي باستخدام هذه الطريقة, فإنه يختار عينات من الأطفال والمراهقين والشباب والكهول والمسننين يطبق عليهم خلال فترة زمنية معينة قد لا تتجاوز الأسبوع الواحد اختبارات تقيس الذكاء, يفترض فيها أنها تقيس نفس الخاصية السلوكية، ثم يقارن بين متوسطات أدائهم في هذه الاختبارات، إلّا أن لهذه الطريقة مشكلاتها المنهجية التي تتلخص فيما يلي:

١- العوامل الانتقائية في العينات المختلفة: فجماعات العمر المختلفة قد لا يكون بينها وجه للمقارنة نظرًا لآثار العوامل الانتقائية والمتتابعة، ويظهر أثر هذه العوالم خاصَّةً حين تجرى البحوث على التلاميذ والطلاب؛ فطلبة الجامعات الذين نختارهم لفئة الشباب أكثر انتقائية من طلبة المدراس الثانوية الذين نختارهم

<<  <   >  >>