للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: العقلانية]

ومع أن مدار العقيدة على الإيمان والتسليم للنصوص، فإن هذا لا يعني إلغاء العقل وإهداره، ومناقضته.

وعيه فإنه يقصد بالعقلانية موافقة عقيدة أهل السنة والجماعة للعقل الصريح، واهتمامها به، وإعلاء منزلته ومكانته، وتوفير طاقته وتصريفها فيما يفيد.

قال شيخ الإسلام: "والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه معصومون لا يقولون على الله إلا الحق، ولا ينقلون عنه إلا الصدق، فمن ادعى في أخبارهم ما يناقض صريح المعقول كان كاذبًا، بل لا بد أن يكون ذلك المعقول ليس بصريح، أو ذلك المنقول ليس بصحيح، فما علم يقينا أنهم أخبروا به يمتنع أن يكون في العقل ما يناقضه، وما علم يقينا أن العقل حكم به يمتنع أن يكون في أخبارهم ما يناقضه، بل الأنبياء عليهم السلام قد يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته لا بما يعلم العقل بطلانه، فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول١"٢.

مظاهر العقلانية:

ومن مظاهر العقلانية في العقيدة الإسلامية بصفة عامة، وعقيدة أهل السنة بصفة خاصة ما يلي:

أولًا: احترام عقيدة أهل السنة للعقل، والحث على التعقل:

رفع الوحي من قيمة العقل وحث على التعقل، وأثنى على العقلاء، فقال تعالى:


١ المحالات: المستحيلات عقلًا، كاجتماع النقيضين: الموت والحياة. والمحارات: ما لا يدخل تحت فهم العقل وإدراكه، لكنه ليس مستحيلًا في العقل يحكم بامتناعه.
٢ الجواب الصحيح لابن تيمية "٣/ ١٣٦".

<<  <   >  >>