للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم -رحمه الله- في كلام له عن الفطرة: "بل الطفل يختار مص اللبن بنفسه، فإذا مكن من الثدي وجدت الرضاعة لا محالة، فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد معارض، وهو مولود على أن يرضع؛ فكذلك هو مولود على أن يعرف الله، والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجد معارض...."١.

وبناء على ما تقدم فإن الإيمان فطر عند أهل السنة والجماعة خلافًا لأهل الأهواء، فالمقلدون من العوام الذين ليس لهم أهلية النظر والاستدلال، مسلمون وإن عجزوا عن إقامة الأدلة، وإيضاح البراهين.

قال السفاريني في منظومته:

فالجازمون من عوام البشر ... فمسلمون عند أهل الأثر

قال ابن حامد: "لا يشترط أن يجزم عن دليل، يعني: بل يكفي الجزم ولو عن تقليد"٢.

وقال النووي -رحمه الله- في شرحه لحديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنون بي وبما جئت به ... " ٣: "وفيه دلالة ظاهرة لمذهب المحققين والجماهير من السلف والخلف، أن الإنسان إذا اعتقد دين الإسلام اعتقادًا جازمًا لا تردد فيه كفاه ذلك، وهو مؤمن من الموحدين، ولا يجب عليه تعلم أدلة المتكلمين، ومعرفة الله تعالى بها، خلافًا لمن أوجب ذلك وجعله شرطًا في كونه من أهل القبلة، وزعم أنه لا يكون له حكم المسلمين إلا به، وهذا المذهب هو قول كثير من المعتزلة، وبعض أصحابنا المتكلمين، وهو خطأ ظاهر فإن المراد التصديق الجازم وقد حصل؛


١ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم ص٣٠٠-٣٠٢.
٢ لوامع الأنوار للسفاريني "١/ ٢٦٩".
٣ رواه مسلم "٢١" من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه.

<<  <   >  >>