للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل من تعمق وخاض في حقيقة الذات، أو الصفات من أهل الأهواء، وتكلف الوقوف على كنهها، والوصول إلى حقيقتها لم يجد ما يشفي؛ بل زاده ذلك شكًا وحيرة واضطرابًا.

ومما وردت أقوال أهل السنة بالنهي عن الخوض فيه القدر، ومن ذلك:

ما جاء عن الإمام أحمد -رحمه الله: "وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرًا أو فكرًا أو وسوسة، فإنه تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال عز من قائل: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] ، فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين"١.

وخالفت القدرية والجبرية ومن لف لفهم في هذا الباب، وأطالوا النزاع فيه، وخاضوا فيما ليس لهم الخوض فيه، فوقعوا في التخبط والتناقض، فقال بعضهم: إن الأمر أنف يعني أن الله لا يعلم به إلا بعد وقوعه، وهؤلاء تبرأ منهم ابن عمر٢، ومنهم من قال: إن أفعال العباد ليست مخلوقة، وأنكر بعضهم إرادة الإنسان ومشيئته، إلى آخر ما خالفوا فيه، مما يعلم بطلانه بيقين، ومخالفته للثابت في القرآن والسنة، والمجمع عليه عند أهل السنة والجماعة.


١ الورع للإمام أحمد ص٢٠٠.
٢ كما في صحيح مسلم "٨".

<<  <   >  >>