للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: جمع النصوص في الباب الواحد وإعمالها]

إن معقد السلامة من الانحراف عند بيان قضية عقدية، وتفصيل أحكامها هو جمع ما ورد بشأنها من نصوص الكتاب والسنة على درجة الاستقصاء، مع تحرير دلالات كل، وتصحيح النقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم، واعتماد فهم الصحابة والثقات من علماء السلف الصالح -رضي الله عنهم، فإن بدا ما ظاهره التعارض بين نصوص الوحيين عند المجتهد -لا في الواقع ونفس الأمر، فينبغي الجمع بين هذه الأدلة برد ما غمض منها واشتبه إلى ما ظهر منها واتضح، وتقييد مطلقها بمقيدها، وتخصيص عامها بخاصها، فإن كان التعارض في الواقع ونفس الأمر فبنسخ منسوخها بناسخها -وذلك في الأحكام دون الأخبار فلا يدخلها نسخ، وإن لم يكن إلى علم ذلك من سبيل، فبرده إلى عالمه تبارك وتعالى.

قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧] .

وفي الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: "نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف، زاجرًا وآمرًا، وحلالًا وحرامًا، ومحكمًا ومتشابهًا، وأمثالًا، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا كل من عند ربنا" ١.


١ أخرجه ابن حبان "٧٤٥"، والطبراني في المعجم الكبير "٩/ ٢٦"، والحاكم في المستدرك "٢٠٣١"، من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه، وصححه الحاكم، والألباني في الصحيحة برقم: ٥٨٧.

<<  <   >  >>