للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي منزلة علمهم واجتهادهم وفتاواهم قال الشافعي -رحمه الله: " ... فعلموا ما أراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامًّا وخاصًّا، وعزمًا وإرشادًا، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا، ومن أدركنا ممن يرضى أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيه سنة إلى قولهم: إن اجتمعوا، أو قول بعضهم: إن تفرقوا، وهكذا نقول، ولم نخرج عن أقاويلهم، وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله"١.

وأفضل علم السلف ما كانوا مقتدين فيه بالصحابة.

يقول ابن تيمية -رحمه الله: "ولا تجد إمامًا في العلم والدين، كمالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومثل الفضيل وأبي سليمان، ومعروف الكرخي، وأمثالهم، إلا وهم مصرحون بأن أفضل علمهم ما كانوا فيه مقتدين بعلم الصحابة، وأفضل عملهم ما كانوا فيه مقتدين بعمل الصحابة، وهم يرون الصحابة فوقهم في جميع أبواب الفضائل والمناقب"٢.

ثم إن التابعين وتابعيهم قد حصل لهم من العلم بمراد الله ورسوله ما هو أقرب إلى منزلة الصحابة ممن هم دونهم؛ وذلك لملازمتهم لهم، واشتغالهم بالقرآن حفظًا وتفسيرًا، وبالحديث رواية ودراية، ورحلاتهم في طلب الصحابة، وطلب حديثهم وعلومهم مشهورة معروفة، "ومن المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله، وبواطن أموره وظواهرها أعلم، وهو بذلك أقوم كان أحق بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلم الأمة، وأخصها بعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم"٣.


١ إعلام الموقعين لابن القيم "١/ ٨٠"، ونسبه إلى الشافعي في الرسالة البغدادية القديمة.
٢ شرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص١٦٥.
٣ مجموع الفتاوى "٤/ ٩١".

<<  <   >  >>