للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لجهلهم، كما قال أحمد في خطبته: الحمد الله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، إلى آخر كلامه ... وهو سبحانه وتعالى يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها، وهو يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات. وقد قيل أيضا: وقد يحب الشجاعة ولو على تقل الحيات، ويحب السماحة ولو بكف من تمرات"١.

وقال أيضا: "يأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا" ٢، ويندبون إلى أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى، والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي، والاستطالة عى الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها، وكل ما يقولونه، أو يفعلونه من هذا أو غيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة"٣.

وقد تميز أهل السنة بهذه الخصلة الجميلة -كرم الخلق وحسن الهدي والسمت، وحرصوا عليها أشد الحرص.

قال ابن سيرين: "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم"٤.


١ مجموع الفتاوى "١٦/ ٣١٣-٣١٧".
٢ أخرجه أحمد "٧٣٥٤"، والدارمي "٢٧٩٢"، والترمذي "١١٦٢"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع "١٢٣٠".
٣ مجموع الفتاوى "٣/ ١٥٨".
٤ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي "١/ ٧٩".

<<  <   >  >>