للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يا لي"، وقد أجاز أبو الفتح١ في قوله "من الطويل":

٩٠٣-

فَيَا شَوقُ مَا أَبْقَى وَيَا لِي مِنَ النَّوَى ... وَيَا دَمْعُ مَا أَجْرَى وَيَا قَلْبُ مَا أَصْبَى

أن يكون استغاث بنفسه وأن يكون استغاث لنفسه، والصحيح وفاقًا لابن عصفور أن "يا لي" حيث وقع مستغاث له، والمستغاث به محذوف بناء على ما سيأتي من أن العامل في المستغاث فعل النداء المضمر، فيصير التقدير "يا أدعو لي" وذلك غير جائز في غير "ظننت" وما حمل عليها.

الثالث: اختلف في اللام الداخلة على المستغاث: فقيل هي بقية "آل" والأصل "يا آل زيد"، فـ"زيد": مخفوض بالإضافة، ونقله المصنف عن الكوفيين، وذهب الجمهور إلى أنها لام الجر، ثم اختلفوا؛ فقيل: زائدة لا تتعلق بشيء وهو اختيار ابن خروف، وقيل: ليست بزائدة فتتعلق، وفيما تتعلق به قولان؛ أحدهما: بالفعل المحذوف وهو مذهب سيبويه واختاره ابن عصفور، والثاني: تتعلق بحرف النداء وهو مذهب ابن جني.

الرابع: إذا وصفت المستغاث جررت صفته نحو: "يا لزيد الشجاع للمظلوم"، وفي النهاية لا يبعد نصب الصفة حملًا على الموضع.


١ أبو الفتح هو ابن جني.
٩٠٣- التخريج: البيت للمتنبي في ديوانه ١/ ١٨٥.
اللغة: النوي: الفراق. ما أصبى: ما أشد صبوتي، أي ميلي إلى الهوى.
المعنى: أيها الشوق المبرح، لم تبق في شيئًا صحيحًا، ويا لخوفي من الفراق، فكم أجرى دموعي، وكم أمال قلبي إلى من أهوى.
الإعراب: فيا "الفاء": للاستئناف، "يا": حرف نداء شوق: منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب. ما: نكرة تامة في محل رفع مبتدأ. أبقى: فعل ماض لإنشاء التعجب مبني على الفتح المقدر على الألف، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو"، والمتعجب منه محذوف، بتقدير "ما أبقاك" ويا: "الواو": للعطف، "يا": حرف نداء واستغاثة. لي: جار ومجرور متعلقان بفعل النداء "أدعو". من النوى: جار ومجرور متعلقان بـ"أدعو" ويا دمع ما أجرى: "الواو" للعطف، والباقي انظر إعراب "يا شوق ما أبقى".
وجملة "يا شوق": بحسب الفاء. وجملة "ما أبقى" اعتراضية. وجملة "أبقى": خبر "ما" محلها الرفع. وجملة "يا لي" معطوفة على جملة "يا شوق"، وكذلك جملة "ما أجرى". وجملة "أجرى" خبر المبتدأ "ما" محلها الرفع. وجملة "يا قلب": معطوفة على جملة "يا شوق". وجملة "ما أصبى": استئنافية لا محل لها. وجملة "أصبى": خبر المبتدأ "ما" محلها الرفع.
والتمثيل فيه قوله: "ويا لي من النوى" حيث تحتمل "يا لي" أن يكون مستغاثًا به، وأن يكون مستغاثًا لأجله.

<<  <  ج: ص:  >  >>