للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا شباب العرب! *:

يقولون: إن في شباب العرب شيخوخة الهمم والعزائم، فالشبان يمتدون في حياة الأمم وهم ينكمشون.

وإن اللهو قد خلف بهم حتى ثقلت عليهم حياة الجد، فأهملوا الممكنات فرجعت لهم كالمستحيلات.

وإن الهزل قد هون عليهم كل صعبة فاختصروها؛ فإذا هزءوا بالعدو في كلمة فكأنما هزموه في معركة ...

وإن الشباب منهم يكون رجلا تامًا، ورجولة جسمه تحتج على طفولة أعماله.

ويقولون: إن الأمر العظيم عند شباب العرب ألا يحملوا أبدًا تبعة أمر عظيم.

ويزعمون أن هذا الشباب قد تمت الألفة بينه وبين أغلاطه، فحياته حياة هذه الأغلاط فيه.

وأنه أبرع مقلد للغرب في الرذائل خاصة؛ وبهذا جعله الغرب كالحيوان محصورًا في طعامه وشرابه، ولذاته.

ويزعمون أن الزجاجة من الخمر تعمل في هذا الشرق المسكين عمل جندي أجنبي فاتح ...

ويتواصون بأن أول السياسة في استعباد أمم الشرق، أن يترك لهم الاستقلال التام في حرية الرذيلة ...

ويقولون: إنه لا بد في الشرق من آلتين للتخريب: قوة أوروبا، ورذائل أوروبا.

يا شباب العرب! بمن غيركم يكذب ما يقولون ويزعمون على هذا الشرق المسكين؟

من غير الشباب يضع القوة بإزاء هذا الضعف الذي وصفوه لتكون جوابا عليه؟


* أنشأها في إبان ثورة فلسطين لحقها سنة ١٩٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>