للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجنحة المدافع المصرية ١:

استجنحي٢ يا مدافع مصر وطيري، إن المجد يطلب منا إنسانه البرقي. لقد مدت لغة القوة في هذا العصر مدها حتى أصبح الطيران بعض معاني المشي، ولم يعد العالم يدري كيف تكون الصورة الأخيرة التي يستقر فيها معنى إنسانه.

فلتتمجد مصر بإنسانها البرقي الذي تخرج النار بيده من أعراض السحاب، وتفرقع في أصابعه هزات الرعد، ويجعل في قبة السماء صلصلة وجلجلة، ويحمل الاسم المصري إلى معلق النجم، فيضع له هناك التعريف الناري الذي وضعته الدول العظمى لأسمائها.

ولتتمجد مصر بإنسانها البرقي الذي يشعرها حقيقة العلو العالي، والعمق العميق، والسعة التي لا تحد؛ ويزيد في معاني أحيائنا معنى جديدا لأحياء السحب، وفي معاني أمواتنا معنى جديدًا لموتى الكواكب.

إنسان برقي يتمم بشجاعته في السماء بطولة فلاحنا الإنسان الشمسي في الأرض، ويعلو بكبرياء مصر في ذروة العالم، فتظهر طياراتها العظيمة قدرة في الجو كما ظهرت آثارها العظيمة قدرة في الثرى.

إنها مصر، مصر القادرة التي سحرت القدم بقوتها وفنها، فبقي فيها على حاله وجلالته، وانهزم الدهر عنه كأنه قوة على قوة الزمن نفسها.

فاستجنحي يا مدافع مصر وطيري. إن المجد يطلب منا إنسانه البرقي.

ولما فتح السجل ذات صباح لتكتب مصر أسماء الفوج الأول من نسورها الحربيين، صاح مجدها الخالد من أعماق التاريخ:


١ كتبت في احتراق أول طيارة حربية مصرية في قدومها إلى مصر من أوروبا، وقد احترق فيها الشهيدان: "حجاج ودوس"، وذلك في شهر ديسمبر سنة ١٩٣٣.
٢ أي اتخذي الأجنحة، ولم تأت الكلمة في اللغة بهذا المعنى، ولكنا استعملناها فيه قياسًا على كلامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>