للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورقة ورد *:

"وضعنا كتابنا "أوراق الورد" في نوع من الترسل لم يكن منه شيء في الأدب العربي على الطريقة التي كتبناه بها، في المعاني التي أفردناه لها؛ وهو رسائل غرامية تطارحها شاعر فيلسوف وشاعرة فيلسوفة على ما بيناه في مقدمة الكتاب. وكانت قد ضاعت "ورقة ورد" وهي رسالة كتبها العاشق إلى صديق له، يصف من أمره وأمر صاحبته، ويصور له فيها سحر الحب كما لمسه وكما تركه. وقد عثرنا عليها بعد طبع الكتاب، فرأينا ألا ننفرد بها، وهي هذه:"

كانت لها نفس شاعرة، من هذه النفوس العجيبة التي تأخذ الضدين بمعنى واحد أحيانًا؛ فيسرها مرة أن تحزنها وتستدعي غضبها، ويحزنها مرة أن تسرها وتبلغ رضاها، كأن ليس في السرور ولا في الحزن معانٍ من الأشياء ولكن من نفسها ومشيئتها.

وكان خيالها مشبوبًا، يلقي في كل شيء لمعان النور وانطفاءه؛ فالدنيا في خيالها كالسماء التي ألبسها الليل، مُلئت بأشيائها مبعثرة مضيئة خافتة كالنجوم.

ولها شعور دقيق، يجعلها أحيانًا من بلاغة حسها وإرهافه كأن فيها أكثر من عقلها؛ ويجعلها في بعض الأحيان من دقة هذا الحس واهتياجه كأنها بغير عقل.

وهي ترى أسمى الفكر في بعض أحوالها ألا يكون لها فكر؛ فتترك من أمورها أشياء للمصادفة، كأنها واثقة أن الحظ بعض عشاقها. على أن لها ثلاثة أنواع من الذكاء، في عقلها وروحها وجسمها: فالذكاء في عقلها فهم، وفي روحها فتنة، وفي جسمها خلاعة.

وكنت أراها مرحة مستطارة مما تطرب وتتفاءل، حتى لأحسبها تود أن يخرج


* انظر سبب إنشاء هذا الفصل في "عود على بدء" من كتاب حياة الرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>