للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان له قلب ذكي، ورأيت من العجائب أنّ الدليل الذي كان لنا هو أعور العين الواحدة مريض الثانية وهو أعرف النّاس بالطريق «٢٠» ! واكترينا التّكشيف في هذه السفرة بمائة مثقال من الذهب، وهو من مسّوفة، وفي ليلة اليوم السابع رأينا نيران الذين خرجوا للقائنا فاستبشرنا بذلك، وهذه الصحراء منيرة مشرقة ينشرح الصّدر فيها وتطيب النفس، وهي آمنة من السّراق، والبقر الوحشية «٢١» بها كثير يأتي القطيع منها حتى يقرب من الناس فيصطادونه بالكلاب والنّشاب، لكن لحمها يولّد أكله العطش فيتحاماه كثير من الناس لذلك، ومن العجائب أنّ هذه البقرة إذا قتلت وجد في كروشها الماء «٢٢» ، ولقد رأيت أهل مسوفة يعصرون الكرش منها ويشربون الماء الذي فيه! والحيّات أيضا بهذه الصحراء كثيرة.

حكاية [ملاعب الحيّات]

وكان في القافلة تاجر تلمساني يعرف بالحاج زيّان، ومن عادته أن يقبض على الحيّات ويعبث بها، وكنت أنهاه عن ذلك فلا ينتهي، فلما كان ذات يوم أدخل يده في جحر ضب ليخرجه، فوجد مكانه حية فأخذها بيده وأراد الركوب فلسعته في سبابته اليمنى وأصابه وجع شديد فكويت يده وزاد ألمه عشيّ النهار فنحر جملا وأدخل يده في كرشه وتركها كذلك ليلة ثم تناثر لحم أصبعه فقطعها من الأصل، وأخبرنا اهل مسوفة أن تلك الحية كانت قد شربت الماء قبل لسعه ولو لم تكن شربت لقتلته «٢٣» ! ولما وصل الينا الذين استقبلونا بالماء شربت خيلنا، ودخلنا صحراء شديدة الحر ليست كالتي عهدنا، وكنا نرحل بعد صلاة العصر ونسري الليل كلّه وننزل عند الصباح،

<<  <  ج: ص:  >  >>