للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشياء منها: وأن لا أردّ من بيتي مسكينا خائبا، وكان ذلك آخر كلامه، فكنت أعجب من قوله، وأقول في نفسي: كيف يقول هذا ويقدر عليه مع كثرة فقراء مكة واليمن والزيالعة والعراق والعجم ومصر والشام، وكنت أراه حين ذلك لا بسا جبّة بيضاء قصيرة من ثياب القطن المدعوة بالفشطان، «١٩٠» كان يلبسها في بعض الأوقات، فلما صليت الصبح غدوت عليه وأعلمته برؤياي فسرّ بها وبكى، وقال لي: تلك الجبة أهداها بعض الصالحين لجدي فأنا ألبسها تبركا، وما رأيته بعد ذلك يرد سائلا خائبا، وكان يأمر خدامه يخبزون الخبز ويطبخون الطعام وياتون به إليّ بعد صلاة العصر من كل يوم.

وأهل مكة لا يأكلون في اليوم إلا مرّة واحدة بعد العصر ويقتصرون عليها إلى مثل ذلك الوقت، ومن أراد الاكل في سائر النهار أكل التمر ولذلك صحت أبدانهم وقلّت فيهم الأمراض والعاهات.

وكان الشيخ خليل متزوجا بنت القاضي نجم الدين الطبري فشكّ في طلاقها وفارقها وتزوجها بعده الفقيه شهاب الدين النّويري «١٩١» من كبار المجاورين وهو من صعيد مصر وأقامت عنده أعواما، وسافر بها إلى المدينة الشريفة ومعها أخوها شهاب الدين فحنث في يمين بالطلاق ففارقها على ضنانته بها، وراجعها الفقيه خليل بعد سنين عدة.

ومن أعلام مكة إمام الشافعية شهاب الدين ابن البرهان، ومنهم إمام الحنفية شهاب الذين أحمد بن علي «١٩٢» من كبار أئمة مكّة وفضلائها يطعم المجاورين وأبناء السبيل، وهو أكرم فقهاء مكة، ويدان في كل سنة أربعين ألف درهم وخمسين ألفا فيؤديها الله عنه، وأمراء

<<  <  ج: ص:  >  >>