للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد شاهدت مرّة رجلا تجرّه الجنادرة وهم الشّرط إلى الحاكم وقد ربطوه في عنقه، فسألت عن شأنه فأخبرت أنه وجدت في يده قوس بالليل فذهب السلطان المذكور إلى قهر أهل شيراز وتفضيل الأصفهانيّين عليهم لأنه يخافهم على نفسه وكان أبوه محمد شاه ينجوا واليا على شيراز من قبل ملك العراق، وكان حسن السيرة محبّبا إلى أهلها فلما توفّى ولّى السلطان أبو سعيد مكانه الشيخ حسينا، وهو ابن الجوبان أمير الأمراء، وسياتي ذكره، وبعث معه العساكر الكثيرة فوصل إلى شيراز وملكها وضبط مجابيها، وهي من أعظم بلاد الله مجبى.

ذكر لي الحاج قوام الدين الطّمغجي «١٤٠» ، وهو والي المجبى بها، أنه ضمنها بعشرة آلاف دينار دراهم في كلّ يوم، وصرفها من ذهب المغرب الفا وخمسمائة دينار ذهبا، واقام بها الأمير حسين مدّة، ثم أراد القدوم على ملك العراق فقبض على أبي اسحاق بن محمد شاه ينجوا وعلى أخويه ركن الدين ومسعود بك وعلى والدته طاش خاتون «١٤١» ، وأراد حملهم إلى العراق ليطلبوا بأموال أبيهم، فلما توسّطوا السوق بشيراز كشفت طاش خاتون وجهها وكانت متبرقعة حياء أن ترى في تلك الحال فإنّ عادة نساء الأتراك ألّا يغطين وجوههن، واستغاثت باهل شيراز وقالت: أهكذا يا أهل شيراز أخرج من بينكم وأنا فلانة زوجة فلان؟ فقام رجل من النّجارين يسمى بهلوان محمود قد رأيته بالسوق حين قدومي على شيراز فقال: لا نتركها تخرج من بلدنا ولا نرضى بذلك فتابعه الناس على قوله وثارت عامّتهم ودخلوا في السلاح، وقتلوا كثيرا من العسكر وأخذوا الأموال وخلّصوا المرأة وأولادها، وفرّ الأمير حسين ومن معه وقدم على السلطان أبي سعيد مهزوما فأعطاه العساكر الكثيفة وأمره بالعود إلى شيراز والتحكّم في أهلها بما شاء.

فلما بلغ أهلها ذلك علموا أنهم لا طاقة لهم به فقصدوا القاضي مجد الدين، وطلبوا منه أن يحقن دماء الفريقين، ويقع الصلح، فخرج إلى الأمير حسين فترجّل له الامير عن فرسه وسلم عليه ووقع الصلح ونزل الامير حسين ذلك اليوم خارج المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>