للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مخدّة كبيرة، ويجلس الفقيه مصلح الدين إلى جانبه، وأجلس إلى جانب الفقيه، ويلينا أرباب دولته وأمراء حضرته ثم يؤتي بالطعام، فيكون أوّل ما يفطر عليه ثريد في صحفة صغيرة، عليه العدس مسقى بالسمن والسكّر، ويقدّمون الثريد تبرّكا، ويقولون: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم فضّله على سائر الطعام فنحن نبدأ لتفضيل النبيّ له، ثم يؤتى بسائر الأطعمة، وهكذا فعلهم في جميع ليالي رمضان.

وتوفّى في بعض تلك الأيام ولد السلطان فلم «٣١» يزيدوا على بكاء الرحمة كما يفعله أهل مصر والشام خلافا لما قدّمناه من فعل أهل اللّور حين مات ولد سلطانهم، فلمّا دفن أقام السلطان والطلبة ثلاثة أيّام يخرجون إلى قبره بعد صلاة الصبح، وفي ثاني يوم من دفنه خرجت مع الناس فرءاني السلطان ماشيا على رجليّ فبعث لي بفرس واعتذر فلمّا وصلت المدرسة بعثت الفرس فردّه وقال إنّما أعطيته عطيّة لا عاريّة وبعث إليّ بكسوة ودراهم، فانصرفنا إلى مدينة قل حصار «٣٢» ، وضبط اسمها بضمّ القاف واسكان اللام ثم حاء مهمل مكسور وصاد مهمل وآخره راء، مدينة صغيرة بها المياه من كل جانب قد نبتت فيها القصب فلا طريق لها إلّا طريق كالجسر مهيأ ما بين القصب والمياه لا يسع إلّا فارسا واحدا، والمدينة على تلّ في وسط المياه منيعة لا يقدر عليها ونزلنا بزاوية أحد الفتيان الأخيّة بها.

[ذكر سلطان قل حصار.]

وسلطانها محمّد جلبي، وجلبي بجيم معقود ولام مفتوحين وباء موحدة وياء، وتفسيره بلسان الروم سيّدي «٣٣» ، وهو أخو السلطان أبي إسحاق ملك أكريدور، ولمّا وصلنا لمدينته كان غائبا عنها فأقمنا بها أيّاما ثم قدم فأكرمنا وأركبنا وزوّدنا وانصرفنا على طريق قرا أغاج «٣٤» ، وقرا بفتح القاف تفسيره أسود، وأغاج بفتح الهمزة والغين المعجم وآخره جيم تفسيره الخشب، وهي صحراء خضرة يسكنها التركمان، وبعث معنا السلطان فرسانا يبلّغوننا إلى مدينة لاذق، بسبب أن هذه الصحراء يقطع الطريق فيها طائفة يقال لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>