للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعرف من تسارع إلى الخروج ومن أبطأ! وجلس خارج السراجة على كرسيّ فجئت وسلّمت ووقفت في موقفي بالميمنة، فبعث إليّ الملك الكبير قبولة سرجامدار١٠»

وهو الذي يشرّد الذباب عنه، فأمرني بالجلوس عناية بي ولم يجلس في ذلك اليوم سواي ثمّ أتي بالفيل وألصق به سلّم، فركب ورفع الشطر فوق رأسه، وركب معه الخواصّ وجال ساعة ثمّ عاد إلى السّراجة.

وعادته إذا ركب أن يركب الأمراء أفواجا، كلّ أمير بفوجه وعلاماته وطبوله وأنفاره وصرّنا ياته، ويسمّون ذلك المراتب، ولا يركب أمام السلطان إلّا الحجّاب وأهل الطرب والطبّالة الذين يتقلّدون الأطبال الصغار والذين يضربون الصّرنايات، ويكون عن يمين السلطان نحو خمسة عشر رجلا، وعن يساره مثل ذلك، منهم قضاة القضاة والوزير وبعض الأمراء الكبار وبعض الأعزّة، وكنت أنا من أهل ميمنته، ويكون بين يديه المشّاؤون والأدلّاء، ويكون خلفه علاماته وهي من الحرير المذهّب، والأطبال على الجمال، وخلف ذلك مماليكه وأهل دخلته، وخلفهم الأمراء وجميع الناس، ولا يعلم أحد أين يكون النزول، فإذا مرّ السلطان بمكان يعجبه النزول به أمر بالنزول، ولا تضرب سراجة أحد حتّى تضرب سراجته، ثمّ ياتي الموكّلون بالنزول فينزّلون كلّ أحد في منزله! وفي خلال ذلك ينزل السلطان على نهر أو بين أشجار، وتقدّم بين يديه لحوم الأغنام والدجاج المسمّنة والكراكيّ وغيرها من أنواع الصيد، ويحضر أبناء الملوك، وفي يد كلّ واحد منهم سفّود، ويوقدون النار ويشتوون ذلك، ويوتي بسراجة صغيرة فتضرب للسلطان ويجلس من معه من الخواصّ خارجها، ويؤتى بالطعام ويستدعى من شاء فيأكل معه. وكان في بعض تلك الأيّام، وهو بداخل السراجة، يسأل عمّن بخارجها، فقال له السيّد ناصر الدين مطهّر الأوهرّي، أحد ندمائه: ثمّ فلان المغربي، وهو متغيّر! فقال: لماذا؟ فقال: بسبب الدّين الذي عليه وغرماؤه يحلّون في الطلب، وكان خوند عالم قد أمر الوزير باعطائه فسافر قبل ذلك، فإن أمر مولانا أن يصبّر أهل الدّين حتّى يقدم الوزير أوامر بإنصافهم؟ وحضر لهذا الملك دولة شاه، وكان السلطان يخاطبه بالعمّ، فقال: ياخوند عالم! كلّ يوم هو يكلّمني بالعربية ولا أدري ما يقول. يا سيدي ناصر الدين: ماذا؟ وقصد أن يكرّر ذلك الكلام، فقال: يتكلّم لأجل الدّين الذي عليه، فقال السلطان: إذا دخلنا دار الملك فامض أنت يا أومار، ومعناه: يا عمّ إلى الخزانة فأعطه ذلك المال، وكان خذاوند زادة حاضرا فقال: ياخوند عالم، إنه كثير الإنفاق وقد رأيته ببلادنا عند السلطان طرمشيرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>