للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الجملين الّذين أهديتهما إليه والحلواء، وأمره بخلاص ديني وما تعلّق بذلك.

ولمّا عاد إليّ راجلي الذي بعثته بالجمل فأخبرني بما كان من شأنه صنعت كورين اثنين وجعلت مقدم كلّ واحد ومؤخّره مكسوا بصفائح الفضّة المذهّبة وكسوتهما بالملفّ، وصنعت رسنا مصفّحا بصفائح الفضّة، وجعلت لهما جلّين من زرد خانة مبطّنين بالكمخا، وجعلت للجملين الخلاخيل من الفضّة، وصنع ٥ ت أحد عشر طيفورا وملأتها بالحلواء، وغطيت كلّ طيفور بمنديل حرير، فلمّا قدم السلطان من الصيد وقعد ثاني يوم قدومه بموضع جلوسه العامّ، غدوت عليه بالجمال فأمر بها فحرّكت بين يديه وهرولت، فطار خلخال أحدها فقال لبهاء الدين بن الفلكيّ: بّايل ورداري، معنى ذلك ارفع الخلخال، فرفعه، ثمّ نظر إلى الطيافير، فقال: جدّاري دران طبقها حلوا است، معنى ذلك: ما معك في تلك الأطباق؟ حلواء هي؟

فقلت له: نعم فقال للفقيه ناصر الدين الترمذيّ الواعظ: ما أكلت قط ولا رأيت مثل الحلواء التي بعثها إلينا ونحن بالمعسكر.

ثمّ أمر بتلك الطّيافير أن ترفع لموضع جلوسه الخاصّ، فرفعت وقام إلى مجلسه واستدعاني، وأمر بالطّعام، فأكلت، ثمّ سألني عن نوع من الحلواء الذي بعثت له قبل، فقلت له يا خوند عالم، تلك الحلواء أنواعها كثيرة ولا أدري عن أيّ نوع تسألون منها؟ فقال: ائتو بتلك الأطباق، وهم يسمّون الطيفور طبقا، فأتوا بها وقدّموها بين يديه وكشفوا عنها فقال عن هذا سألتك، وأخذ الصحن الذي هي فيه فقلت له: هذه يقال لها: المقرضة «١٠٩» ، ثمّ اخذ نوعا آخر فقال: وما اسم هذه فقلت له: هي لقيمات القاضي، وكان بين يديه تاجر من شيوخ بغداد يعرف بالسّامريّ، وينتسب إلى آل العبّاس رضي الله تعالى عنه، وهو كثير المال ويقول له السلطان: والدي، فحسدني وأراد أن يخجلني، فقال: ليست هذه لقيمات القاضي بل هي هذه، وأخذ قطعة من التي تسمّى جلد الفرس «١١٠» ، وكان بازائه ملك الندماء ناصر الدين الكافيّ الهرويّ، وكان كثيرا ما يمازح هذا الشيخ بين يدى السلطان، فقال له:

يا خواجة أنت تكذب، والقاضي يقول الحقّ فقال له السلطان: وكيف ذلك؟ فقال: ياخوند عالم! هو القاضي وهي لقيماته فانّه أتى بها، فضحك السلطان، وقال: صدقت!

<<  <  ج: ص:  >  >>