للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبائل ووجوه فاس، فسر عبد الرحمن بذلك وشكر المعز وسرح ابنيه إليه بعد أن كساهما وأرضاهما وكتب للمعز عهدة بتحديد ولاية الغرب كله إلا مدينة سجلماسة فأنه كان قد عقد ولايتها لواضح الفتى قبل ذلك وولاها واضح وانودين بن خزرون اليفرني وأبن عمه زيري فلفل على ما ضمناه إليه وعده من الخيل والدرق معلومة وجملة من المال في كل سنة. ورهنه كل واحد منها أبه. فامتثل النعز بين زيري وما أمره بن عبد الرحمن بن أبي عامر. وبقي المعز أمير الغرب إلى أن انقرضت الدولة العامرية ثم انقرضت الدولة المروانية وانشقت عصى الأمة ومرج أمر الناس بالأندلس وصار المسلمون شيعا متفرقون يقتل بعضهم بعضا وينهب. وفعل أهل المغرب مثل ذلك فكثر فيه الشتات وشن الغارات بعضهم على بعض. وأقام المعز بن زيري يدارى أمره إلى أن حانت وفاته سنة ٤١٦. وولى مكانه أبنه أبو العطاف حمامة بن المعز بن زيري بن عطية وكان له حظ من المعرفة والأدب وحسن السياسة، فكانت مدينة فاس في أيامه هادئة راخية، وكان الشعراء يقصدونه من الأندلس. وجرت له حروب كثيرة إلى أن حانت وفاته في سنة ٤٣٣. وولى ابنه دوناس بن حمامة فقام عليه بنو عمه، ولم يزل أمره يضعف، ودولتهم تدبر إلى أن قام بمدينة فاس أميران بالعدوتين وكانت الحرب تدور بينهما. وجرت بين ذلك أمور وخطوب، ولا يحسن ذكرها لشناعتها، إذ للدول، إذا أدبرت كل ما يجري فيها يقبح ذكره، إلى أن شاع خبر خروج لمتونة من الصحراء، واستيلاءهم على بلاد المصامد وخلعهم لملوكهم وناموس عدلهم، ودخل عبد الله بن ياسين مدينة أغمات وما يليها، فخافت زناة وأجفلت عن جهة الشرق حيث مستقرها، ولما قتل عبد الله بن ياسين، رجعت زناة إلى المغرب، وقتلوا كل من اتهموه بالميل إلى أصحاب اللثام، فحاربهم الصحراويون. ووجه أبو بكر بن عمر يوسف بن تاشفين، فحارب رؤساء القبائل، واستفتح بلاد كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>