للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفريقية من الجوع؛ فلما نزلوا الأندلس، وجدوا أنهارها قد جرت؛ فملكوها نحو مائة وخمسين سنة. وعدد ملوكهم أحد عشر ملكا، ودار ملكهم مدينة طالفة. ثم غلبت عليهم الإسبانية، حتى أخرجوهم عن الملك، وصار الملك إليهم؛ وبهم سميت إشبيلية؛ فبنوها وسكنوها؛ وخربت طالقة. وهجم عجم رومة، فكانوا ملوكا، حتى دخل البشترلقات على الرومانيين، وقد بعث الله المسيح - عليه السلام! - فبعث الحواريين إلى البلدان كلها، وظهر دين النصرانية وغلب. قمَّ كان دخول البشترلقات من رومة. وكانوا يملكون إفرنجة، ويبعثون عمالهم إليها. ودار ملكهم ماردة؛ فكانت عدَّة ملوكهم سبعة وعشرين ملكا.

ثم ظهر بإشبيلية إشبان؛ وكان رجلا ضعيفا حرَّاثا؛ فوقف به الخضر - عليه السلام! - وهو يحرث؛ فقال له: (إذا غلبت علي إيلياء، فأرفق بأولاد الأنبياء!) فقال له: (كيف يكون هذا، وأنا ضعيف، من غير بيت ملك؟) . فقال له: (يُقدر ذلك من قدَّر في عصاك ما قدَّر!) . فلما نظر إلى عصاه، إذا بها قد أورقت؛ ففزع. وغاب عنه الخضر. ووقع ذلك نبنفس إشبان؛ فلم يزل يصطنع الرجال حتى علاَ اسمه، وشاع ذكره، وتغلب على الأندلس؛ فخرج في السفن إلى أيلياء؛ فغنمها وهدمها، وقتل فيها مائة ألف من اليهود، وباع منهم مائة ألف؛ وانتقل رخامها إلى الأندلس. وكان ملكه نحو عشرين سنة؛ وبعد سنتين من ملكه، غزا إيلياء. ويقال إنَّ إشبان اسمه إصبهان، لأنه ولد بإصبهان؛ فسمى بها، والله أعلم. فعدة ملوكهم خمسة وخمسون ملكاً.

ثم دخل القوط الأندلس، وقطع الله ملك رومة منها. وعدة ملوك القوطيين ستَّة عشر ملكا، آخرهم لذريق، الذي دخل عليه المسلمون. وجعلوا دار ملكهم طليطلة. ووجدت في بعض كتب العجم أنَّ آخر ملوك الأندلس كان يسمى وخشندش، ولم يكن في النصرانية أحكم منه ولا أحسن إصابة

<<  <  ج: ص:  >  >>