للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت فتنة ولد ابن طولون، حين أراد التغلب على إفريقية. وهاأنا أذكر قصته إلى أن هزم. وذلك أن العباس بن أحمد بن طولون ولد صاحب مصر، قدم في هذه السنة في ثمانمائة فارس وعشرة آلاف من سودان أبيه على خمسة آلاف جمل إلى مدينة برقة، في ربيع الآخر يريد إفريقيا والتغلب عليها وإخراج بني الأغلب عنها. وحمل مع نفسه من بيت مال مصر ثمانمائة حمل دنانير ذهبا فأعطى أصحابه الأرزاق بها. وقيل أن مبلغ ما حمل من المال ألف ألف دينار ومائتا ألف دينار. ومعه عبد الله أحمد بم محمد الكاتب مكبلا لأنه أظهر الامتناع من الخروج معه، أشار عليه بأن يؤخر التقدم إلى طرابلس حتى يصانع البربر فقال (أخشى أن تقدم العساكر من الشام قبل أحكام هذا الأمر (يعني عساكر أبيه، لأنه كان ثائرا على أبيه) ويكون أيضا في ذلك فسحة لإبراهيم بن أحمد فيتمهل في الاستعداد. ولكني أمضي على فوري هذا، فآتى لبدة وإطرابلس فجأة، ثم أخذ في استمالة البربر بعد ذلك بالعطاء والأفضال وأبعد من مصر، فلا يقوم لأحمد بن طولون (يعني أباه) أمل في مطالبتي لبعدي عنه!) وخرج يريد لبلده فأنصل خبره لإبراهيم بن أحمد فأخرج إليه أحمد بن قهرب في ألف وستمائة فارس، خيلا مجردة لا رجال فيها وأمره بإعداد السير والسرى بالليل حتى دخل لإطرابلس قبل وصول العباس بن أحمد بن طولون إلى لبدة ثم أحشد ابن قهرب من أمكنه من جند إطرابلس وبربرها، ثم بادر إلى لبدة ودخلها وأقبل العباس ابن طولون وقد صنع له ببرقة خمسة آلاف بند فجعل له كل جملا رجلا ببنده وزحف بثمانمائة فارس وخمسة آلاف رجل فالتقى به أحمد بن قهرب على خمسة عشر ميلا من لبدة وقد تأخرت الجمال بالرجالة أصحاب البنود فلم يكن بينهم ألا مناوشة يسيرة حتى أنهزم أحمد بن قهرب وهو يضن أن من

<<  <  ج: ص:  >  >>